هذا وحيث كان الملاقي موضوعا مستقلا مباينا للملاقى فلا بد من تباين حكمهما الوضعي ـ وهو النجاسة ـ فضلا عن حكمهما التكليفي ، وهو وجوب الاجتناب ، المترتب على النجاسة ، والذي هو الموضوع للتنجيز والتعذير ، على ما تقدم في التنبيه الثالث.
ويترتب على ذلك أن تنجز التكليف المحتمل في الملاقى ـ بسبب العلم الإجمالي ـ لا يكفي في تنجز التكليف المحتمل في الملاقي ، لتعدد الموضوع ، بل لا بد في تنجزه من سبب مستقل يخصه.
وأما ما قد يدعى من أن ذلك إنما يتم بناء على أن نجاسة الملاقي مسببة عن نجاسة الملاقى شرعا مع مباينتها لها ، أما بناء على اتحادها معها وأن انفعال الملاقي يبتني على سراية نجاسة الملاقى له وسعتها بنحو تسري فيه ـ نظير سراية الحرارة والبرودة من أحد الجسمين للآخر ـ فيتعين تنجز احتمال النجاسة في الملاقي ، تبعا لتنجز احتمال النجاسة في الملاقى ، لاحتمال سعة النجاسة المعلومة بالإجمال ، نظير ما لو علم إجمالا بتكليف في طرف أو تكليفين في آخر ، أو قسم أحد طرفي العلم الإجمالي قسمين.
فهو كما ترى ، لأن مورد العمل ليس هو النجاسة بل النجس ، بلحاظ أحكامه التكليفية التابعة لنجاسته ، وهو الذي يكون موضوعا للتنجيز ، وليست النجاسة إلا علة لثبوت تلك الأحكام. وحيث كان الملاقي مباينا للملاقى عينا وأحكاما ، تعين عدم تنجزه بتنجز الملاقى ، بل لا بد له من منجز يخصه.
ولا مجال للتنظير له بالمثالين المذكورين ، لأن المنجز بالعلم الإجمالي من أول الأمر في الأول احتمال التكليفين في الطرف المذكور ، وفي الثاني متحد مع كلا القسمين ، من دون أن توجب القسمة احتمال حدوث تكليف جديد.