مانعية كل فرد غير مقيدة بمانعية بقية الأفراد ، فيخرج عن محل الكلام ، وهو الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
وثانيا : أن مانعية غير مأكول اللحم من الصلاة غير مجعولة شرعا ، بل هي منتزعة من التكليف بالصلاة المقيدة بعدمه ، فلا بد في مقام الامتثال من إحراز الصلاة المذكورة ـ ولو بالأصل ـ تحقيقا للفراغ اليقيني ، ودليل البراءة لا ينهض بإحرازها. وليس الشك في سعة التكليف ، لعدم الإجمال في حدوده.
وأما ما ذكره من تحقق الشك في سعة المانعية. فهو لا يرجع إلى محصل ، إذ لو أراد بذلك نفس المانعية ، فهي غير مجعولة ، لتكون موردا للأصل. ولو أراد بها تقييد الصلاة بعدم استصحاب غير المأكول ، الذي منه تنتزع المانعية ، فالتقييد المذكور لا إجمال فيه بعد فرض عدم إجمال غير المأكول.
ولو أراد بها النهي عن الصلاة في غير المأكول ـ بدعوى كونه انحلاليا مشكوك الشمول للفرد المشكوك ـ فالنهي المذكور ليس مولويا ـ لا نفسيا ولا غيريا ـ بل هو للإرشاد إلى تقييد الصلاة المأمور بها بعدم استصحاب غير المأكول ، الذي عرفت مقتضى الوظيفة فيه.
وأما النهي الغيري فهو النهي عن استصحاب أجزاء ما لا يؤكل لحمه تجنبا لمقارنة الصلاة له ، نظير الأمر بالطهارة مقدمة لوقوع الصلاة مقارنة لها. وعدم العلم بالنهي المذكور بالإضافة إلى مشكوك الفردية لعدم إحراز موضوعه لا يكون موردا لأدلة البراءة ، لعدم كونه بنفسه موردا للعمل والتنجيز والتعذير ، بل ليس موضوعها إلا التكليف النفسي ، وهو الأمر بالصلاة المقيدة ، والمفروض تنجزه ، فيلزم إحراز الفراغ عنه. ولذا لا تجري البراءة مع احتمال حصول الشرط ـ كالطهارة ـ قبل ورود الأمر بالمشروط الملازم لاحتمال عدم توجه الأمر الغيري بالشرط.