المسألة الأولى : في الشك في الحكم الاستقلالي
كالشك في استحباب الغسل لقتل الوزغ وفي كراهة سؤر البقر ، ولا مجال هنا للتمسك بالأدلة المتقدمة العقلية للبراءة والاحتياط. لوضوح اختصاص قاعدتي قبح العقاب بلا بيان ووجوب دفع الضرر المحتمل العقليين باحتمال العقاب والضرر المختصين بالتكليف.
وكذا الحال في بعض الأدلة النقلية ، كقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(١). وأدلة الاحتياط التي استدل بها الأخباريون المتضمنة للتحذير من الأخذ بالشبهة خوفا من العقاب والهلكة.
نعم قد يدعى أن إهمال الأحكام الاقتضائية غير الإلزامية وعدم امتثالها وإن لم يستوجب العقاب إلا أنه يقتضي نحوا من الحزازة والبعد عن حظيرة المولى ، بل قد يقتضي نحوا من التبعة ولو في الدنيا ، نظير ما تضمن أن الرجل يترك صلاة الليل فيحبس عنه الرزق.
فلو تم هذا لم يبعد جريان نظير قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لأن ما سبق ـ من الحزازة والبعد والتبعة ـ نحو من العقاب لا يحسن إلا مع قيام الحجة الكافية.
بل قد يصحح ذلك شمول مثل حديث الرفع ، لأن ثبوت الأمور المذكورة يستلزم أن يكون في ثبوت الحكم المذكور نحو من الضيق يصدق بلحاظه الرفع ، ويتحقق برفعه الامتنان. وأظهر من ذلك قوله عليهالسلام في حديث حفص بن غياث : «من عمل بما علم كفي ما لم يعلم» (٢) ، وقوله عليهالسلام في معتبر حمزة بن الطيار : «إن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم» (٣) ، ونحوه مما تضمن أخذ
__________________
(١) سورة الاسراء الآية : ١٥.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٣٠.
(٣) الكافي ج : ١ ص : ١٦٤ كتاب التوحيد ، باب حجج الله على خلقه حدث : ٤.