كونه مقصودا بالبيان ـ فإنه خلاف المقطوع به ـ بل بمعنى كونه مذكورا مراعاة للمورد من دون أن يكون دخيلا في الاستدلال حفاظا على الإطلاق في الكبرى ، كما يظهر بملاحظة النظائر ، كقولنا : زيد ضارب عمرا ، والضارب يقتص منه ، و : علي عالم بالنحو ، والعالم في هذا الزمان يجب إكرامه ، و : زيد مدرس للفقه ، والمدرس يجب تشجيعه ، و : هذا الكتاب مفيد للمبتدئ والكتاب المفيد يلزم نشره ... إلى غير ذلك.
هذا مضافا إلى ما أشار إليه غير واحد من أن التعميم هو المناسب لكون التعليل ارتكازيا ، لعدم خصوصية الوضوء في الجهة الارتكازية المقتضية للعمل على اليقين السابق ، فلو أخذت فيه كان التعليل تعبديا ، وهو خلاف ظاهر التعليل ، لأنه مسوق لتقريب الحكم إلى ذهن السامع ، خصوصا من مثل الإمام عليهالسلام الذي لا يكلف بالاستدلال.
إن قلت : هذا لا يناسب ما تقدم من إنكار السيرة الارتكازية على الاستصحاب ، إذ وجود الجهة الارتكازية المقتضية للعمل على اليقين السابق يستلزم جري العقلاء عليها في أمورهم.
قلت : لا تتوقف ارتكازية التعليل على بلوغ الارتكاز حدا يقتضي العمل بنفسه ، ليكون ملازما للسيرة ، بل يكفي فيه إدراك العقلاء للجهة المناسبة للجعل الشرعي ، التي يكون العمل عليها مقبولا عندهم ، وإن لم يكن لازما لو لا الجعل ، ليستلزم قيام السيرة عليه.
فمثلا : إذا قال المولى : زر زيدا لأنه أحسن إليك ، فالتعليل المذكور ارتكازي ، إلا أنه ليس بنحو يستلزم السيرة الارتكازية على استحقاق المحسن للزيارة ، بحيث تنهض السيرة بإثباته وتكشف عن الجعل المولوي من دون حاجة لثبوت الأمر به من المولى. وكذا تعليل اعتصام ماء البئر وطهارته بزوال