لكن ذكر بعض الأعاظم قدسسره أن الأصل في المقام يقتضي الاحتياط ، لرجوعه إلى الدوران بين التعيين والتخيير ، للشك بين تعيين الامتثال التفصيلي والتخيير بينه وبين الإجمالي.
وفيه : أن المراد بذلك إن كان هو الدوران بين التعيين والتخيير العقليين ، فالعقل لا يشك في حكمه ، بل المدعى هو قطعه بالتخيير. وإن كان هو الدوران بين التعيين والتخيير الشرعيين ، فالشارع ليس من شأنه التصرف في مقام الامتثال. مضافا إلى القطع بأن بعض أطراف العلم الإجمالي خارج عن مطلوب الشارع ، فلا معنى لكونه طرفا للتخيير الشرعي.
ومن هنا يتعين رجوع الشك في المقام إلى الشك في أخذ الشارع خصوصية في الواجب زائدة على ذاته ملازمة للامتثال التفصيلي ، كقصد الوجه أو نحوه ، وفي مثله تجري البراءة بلا إشكال ، ولذا التزم بجريانها لدفع احتمال اعتبار قصد الوجه.
هذا كله في المطلوب الاستقلالي. وأما المطلوب الضمني فلا ينبغي الإشكال في الاحتياط فيه مع الاحتمال أو العلم الإجمالي ، إذا كان شرطا ، كما لو احتمل اعتبار كون الساتر في الصلاة قطنا فلبسه ، أو علم بذلك وتردد القطن بين ثوبين فلبسهما. لعدم قصد التقرب بالشرط بل المشروط في ظرف تحققه ، ومن الظاهر أن الاحتياط في الشرط لا ينافي الجزم بالامتثال بالمشروط في ظرف تحققه فلا مجال لوجه من وجوه المنع المتقدمة فيه. إلا أن يكون الشرط بنفسه عبادة ـ كالطهارة ـ فيجري فيه ما سبق. وأما إذا كان جزءا فكذلك ، بناء على ما سبق منا في المطلوب الاستقلالي.
بل صرح بعض الأعاظم قدسسره بجواز الامتثال الإجمالي فيه ـ كما لو دار الأمر بين سورتين فيجمع بينهما في صلاة واحدة ـ مع منعه منه في المطلوب