جريان استصحاب مؤدى الأصول التعبدية ، كما لو شك في تنجس الثوب بعد تطهيره بماء غير متيقن الطهارة ، بل محكوم بها ظاهرا ، للاستصحاب أو لقاعدة الطهارة.
نعم لا موقع للإشكال بناء على أن مفاد الاستصحاب ليس إلا التعبد ببقاء الأمر الحادث في فرض الشك فيه ، فيكون الحكم بالبقاء في الاستصحاب مترتبا على الثبوت الواقعي ولازما له ، وإن لم يتيقن به ، نظير حجية الخبر المنوطة بعدالة المخبر. وليس أخذ اليقين بالثبوت والحدوث في أدلته إلا لكونه طريقا محضا يحرز معه موضوع الحكم بالبقاء والتعبد الظاهري به ، لا لكونه دخيلا في الموضوع ثبوتا ، فتقوم مقامه الطرق ، كما تقوم مقام القطع الطريقي في سائر الموارد.
وإلى هذا يرجع ما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره من أن موضوع الاستصحاب ثبوت الشيء ، فلا بد من إحرازه بالعلم أو الظن المعتبر. ويناسبه تعريف الاستصحاب بأنه إبقاء ما كان.
لكن المبنى المذكور مخالف لظاهر أخذ اليقين في النصوص السابقة ، وما تضمنته من عدم نقضه بالشك. أما البناء على ذلك في الأحكام الواقعية التي تقتضي المناسبات الارتكازية أو الجمع بين الأدلة تبعيتها للواقع ـ نظير قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(١) ـ فهو لا يستلزم البناء عليه فيما نحن فيه ونحوه من موارد الأحكام الظاهرية ، الراجعة إلى مقام الإحراز ، والتابعة للعلم ونحوه ارتكازا ، بعد ظهور الأدلة في أخذ اليقين ، كما سبق. ومن ثم لا بد من توجيه استصحاب مؤدى الطرق والأمارات والأصول التعبدية.
__________________
(١) سورة البقرة الآية : ١٨٧.