حكما شرعيا إلا أنه تابع للشارع ، لأن سلطنته على جعل الحكم تستلزم سلطنته على عدمه ، وهو كاف في جريان الاستصحاب بعد عموم النهي عن نقض اليقين بالشك.
هذا ولا يخفى أن الإشكال والدفع مبنيان على أن مفاد الأصول التعبدية ـ ومنها الاستصحاب ـ جعل الحكم المماثل ظاهرا. وقد أشرنا في أوائل هذا الفصل إلى ضعف المبنى المذكور ، وأن مفادها هو التعبد بالمؤدى ولزوم البناء عليه ، وهو لا يختص بالأحكام الشرعية ، ولا بما يكون تحت سلطان الشارع ، بل يجري حتى في الأمور الخارجية التي لا دخل للشارع بها.
غايته أنه لا بد من ترتب العمل عليه ، وهو حاصل في المقام ، إذ كما يترتب العمل على استصحاب التكليف ، بلحاظ أن التعبد الشرعي بالتكليف كاف في المنجزية المستتبعة للزوم موافقته عقلا ، كذلك يترتب على استصحاب عدم التكليف ، بلحاظ أن التعبد بعدم التكليف كاف في المعذرية المستتبعة لعدم وجوب موافقته عقلا.
ثانيهما : ما يظهر من شيخنا الأعظم قدسسره من أن العمل إنما يترتب على استصحاب عدم التكليف بلحاظ ملازمة عدم التكليف للإذن والترخيص في الفعل أو الترك ، فيبتني على الأصل المثبت.
لكنه مبني على أصالة الحظر عقلا ، وأن الرافع لاستحقاق العقاب هو الترخيص ، فلا معذرية إلا بإحرازه. وهو خلاف التحقيق ، بل الأصل الإباحة عقلا ، وأن استحقاق العقاب مشروط بمنع الشارع ، فإحراز عدم التكليف وعدم المنع الشرعي كاف في المعذرية. فلاحظ.
الثاني : استصحاب عدم الموضوع للحكم الشرعي ، سواء كان أمرا خارجيا ـ كالقتل ـ أم شرعيا ـ كالنجاسة ـ لأن الأثر ليس للعدم المستصحب ، بل للوجود ، غاية الأمر أن عدم الموضوع ملازم واقعا لعدم ترتب حكمه ، فيبتني