وفيه : أن التقييد بالأمر العدمي على نحوين «أحدهما» : التقييد بمفاد السالبة المحصلة المحمول ، الذي هو نقيض مفاد الموجبة بمفاد كان الناقصة ، كما في قولنا : إذا لم يكن زيد فاسقا فأكرمه ، أو : يجب إكرام العالم الذي ليس بفاسق «ثانيهما» : التقييد بمفاد الموجبة المعدولة المحمول ، الذي يقابل مفاد الموجبة بمفاد كان الناقصة تقابل الملكة وعدمها ، كما في قولنا : إذا كان زيد غير فاسق فأكرمه ، أو : يجب إكرام العالم غير الفاسق. وإرجاع الأول للثاني ، بحيث ينحصر الأمر بالثاني لا وجه له ، بل هو مخالف لمفاد الأدلة.
ومن الظاهر أن ما يتوقف صدقه على وجود الموضوع هو الثاني ، ولا يجري معه استصحاب العدم الأزلي قطعا. أما الأول فهو يصدق قبل وجود الموضوع بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ، ولا وجه لمنع جريان الاستصحاب فيه بنحو العدم الأزلي بعد اليقين به سابقا والشك لاحقا ، كما لا وجه لإرجاعه للثاني بعد اختلاف مفادهما.
بقي شيء
وهو أن استصحاب العدم الأزلي إنما يجري لنفي ما هو من عوارض وجود الموضوع في الخارج ، بحيث يمكن نفيه عنه قبل وجوده بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ، كبياض الجسم ، وانتساب الشخص لقبيلة خاصة ، ونحوهما. دون ما إذا احتمل كونه من ذاتياته كالإنسانية والحيوانية في الشبح المردد بين الإنسان وغيره ، أو من حدود الوجود الخارجي أو لوازمها ، كالعدد الخاص أو الزوجية في المجموعة المرددة بين الأقل والأكثر ، فإن جميع ذلك لا ينفك عن موضوعه حتى بلحاظ حال ما قبل وجوده ، فلا يقين بعدمه أزلا ، ليمكن استصحابه بلحاظه.