عدم فعليتها بعد ، لعدم تمامية موضوعاتها ـ كما فصلنا الكلام في ذلك في المسألة الثالثة من المقام الثاني في الأحكام الوضعية من مقدمة علم الأصول.
مع أنها لو كانت لها حقائق مجعولة فهي ليست بنفسها موردا للعمل ، بل بتوسط لازمها ، وهو فعلية الحكم تبعا لفعلية موضوعه ، ومن الظاهر أن التلازم بينهما ليس شرعيا ، بل خارجي ، فجريان الاستصحاب فيها يبتني على الأصل المثبت.
الثاني : أن للحكم الإنشائي التي تتضمنه الكبريات الشرعية نحوا من الوجود والتحقق يترتب عليه العمل عند فعلية موضوعه ، وبلحاظ ما له من التحقق أمكن نسخه. وحينئذ يمكن استصحابه عند الشك في نسخه ، لليقين بوجوده ، والشك في رفعه.
ويندفع بأن الحكم المذكور وإن كان له نحو من التحقق ، إلا أنه ليس موردا للعمل بنفسه ، بل بلحاظ مطابقته للأحكام الانحلالية التابعة لفعلية كل فرد فرد من الموضوع الكلي الذي تضمنته القضية الكبروية. فالحكم الحقيقي الذي تناله يد الجعل ، والذي هو مورد العمل عقلا وشرعا ليس هو الحكم الإنشائي ، بل الأحكام الفعلية الانحلالية المذكورة ، والتلازم بينه وبينها خارجي ، لا شرعي.
نعم ذكر بعض الأعيان المحققين قدسسره أن الحكم الحقيقي الذي هو مورد العمل هو الحكم الكبروي المذكور ، وأن فعلية الموضوع ظرف محركية الحكم عقلا ، لا ظرف فعلية الحكم الذي هو مورد العمل.
وبهذا يختلف التكليف المشروط ـ الذي إليه ترجع الكبريات الشرعية المجعولة بنحو القضية الحقيقية ـ عن التكليف المطلق الذي يخاطب به تبعا لفعلية موضوعه ، لانتزاع الثاني من الإرادة الفعلية ، وانتزاع الأول من الإرادة