والذي ينبغي أن يقال : الجمع إن كان راجعا إلى تحكيم أحد الدليلين على الآخر وحمله عليه بالنحو الذي تقتضيه أدلة الحجية العامة ـ كما في موارد الجمع العرفي ـ فهو المتعين عملا بدليل الحجية المقتضي له ، كما يعمل به في الدليل الواحد الذي لا معارض له.
وإن لم يرجع لذلك ، بل كان متمحضا في تأويل أحدهما بما لا ينافي الآخر ـ من دون أن تنهض به أدلة الحجية ـ من أجل رفع التنافي بين الدليلين ، دفعا لتوهم صدور المتنافيين عن المعصوم. فهو مستغنى عنه في حق من يعتقد عصمته ، وإنما يحتاج له لدفع النقض على عصمته ممن لا يعتقد بها. ولا أثر له إلا محاولة الإقناع بوجه خطابي غير عملي ، دفعا لشبهته بمثلها.
لأن دليل العصمة إن لم يكن أقوى من هذه الشبهة المستندة لظهور الكلام لم يصلح التأويل الذي لا تنهض به أدلة الحجية لدفع التنافي بعد استناده لظاهر الكلام الذي هو حجة في كشف مراد المتكلم. وإن كان دليل العصمة قطعيا أقوى من الشبهة المذكورة كان مانعا من التعويل عليها علميا ، فإيرادها تهريج بخطابيات مردود بمثلها.
نعم قد ينفع التأويل في منع استحكام الشبهة في حق ضعيف البصيرة من المؤمنين. كما قد ينفع في استيضاح العمل بأحد المتعارضين إذا اقتضاه دليل الحجية ، لأن طرح الآخر للجهل أثقل على النفس من تأويله بما يلائم مقتضى الحجية. وقد تعرض لأكثر ما ذكرنا الشيخ قدسسره في التهذيب.
لكن اللازم حينئذ ذكر التأويل احتمالا ، تجنبا لمحذور القول بغير علم ولا حجة الذي هو من المحرمات ، ولا سيما إذا كان في كلام المعصومين «صلوات الله عليهم» الذين هم حجج الله تعالى على خلقه والناطقين عنه في بريته.