مدلوله ، بل على خفاء وجه الجمع العرفي بينهما ، مع صلوح كل منهما للقرينية على الآخر عرفا ، بحيث لا يتوقف العرف عن تحصيل المراد منهما رأسا ، بل عن تعيينه مع تردده إجمالا بين وجهين تعين حجيتهما في نفي الثالث ، لخروجه عن طرفي الترديد. كما هو الظاهر في مثل العامين من وجه في مورد الاجتماع.
هذا كله إذا كانت حجية الكلام في لازم مدلوله ـ ومنه نفي الثالث ـ لمجرد بناء العقلاء وارتكازياتهم على ذلك ، من دون أن يكون الكلام مسوقا لبيانه.
أما إذا كان الكلام مسوقا لبيان اللازم ، نظير الكناية فاللازم بنفسه ـ كالملزوم ـ يكون موضوعا للعنوان المأخوذ في دليل الحجية ، كالخبر والنبأ والشهادة ، فالكلام الواحد ينحل إلى خبرين خبر عن الملزوم وخبر عن اللازم ، وحينئذ لا يكون سقوط أحد الخبرين ـ وهو الخبر عن الملزوم ـ عن الحجية مستلزما لسقوط الآخر ـ وهو الخبر عن اللازم ـ عنها ، من دون فرق بين منشأ السقوط عن الحجية. ويتعين حينئذ حجيتهما في نفي الثالث.
كما لو ورد أنه قيل للإمام عليهالسلام : هل صلاة التراويح فريضة؟ فأجاب منكرا لذلك بأنها سنّة ، ثم ورد أنه أجاب بأنها بدعة. فإن تعارض الخبرين في أنها سنّة أو بدعة لا يكون مانعا من حجيتهما في أنها ليست فريضة.
وكما لو سمع شاهدان من يقول : أن زيدا عمّر طويلا ، فقالا منكرين ذلك : مات عن ثلاثين سنة ، وشهد آخران أنه مات عن أربعين ، حيث لا يكون تعارضهما في تحديد سنّه مانعا من حجيتهما في نفي طول عمره ، لأنه خبر آخر للبينتين لا قصور فيه ذاتا ، ولا مانع من حجيته. بل لو صدر كل من الخبرين من واحد ، تمت بهما البينة في المدلول الالتزامي ـ وهو نفي طول عمره ـ وإن لم تتم البينة في كل من مدلوليهما المطابقيين اللذين تعارضا فيهما.