المتأخرة عنه.
ومن ثم كان الترجيح بمخالفة العامة ارتكازا من المرجحات الجهتية ، بلحاظ أن ما ورد عنهم عليهمالسلام مخالفا للعامة أبعد عن التقية مما ورد عنهم موافقا لهم. مع أنه لو كان شاملا لاختلاف النسخ لكان مرجحا صدوريا ، لفرض أنه لم يصدر عنهم إلا شيء واحد مردد بين الوجهين. وهو بعيد جدا ، لعدم وضوح غلبة مخالفتهم للعامة ، بل لعل ما ورد عنهم موافقا لهم أكثر.
ومن هنا كان اللازم جريان حكم التعارض العام عند اختلاف النسخ ، وهو التساقط في فرض تكاذبها.
نعم لا يبعد حجيتها في القدر المشترك بينها ، كنفي الثالث. أما مع العلم بصدق بعضها إجمالا فظاهر. وأما مع عدمه فلقرب ابتناء اختلاف النسخ على الخطأ في إثبات النسخة أو قراءتها أو سماعها ، وأصالة عدم الخطأ بنظر العقلاء تقتضي عدمه في إحداها إجمالا ، اقتصارا فيه على المتيقن.
وليس الخطأ كغيره من الأمور التي يبتني استحصال الواقع من الطريق على عدمها ـ كمخالفة ظاهر الكلام ، وصدوره لبيان غير المراد الجدي ، والكذب من الناقل ـ مما يبتني على العمد الذي لو جاز في أحد الطريقين جاز في الآخر ، ولا دافع له بعد تكاذب الخبرين.
كما أنه لا يبعد الترجيح فيها بالشهرة ونحوها ، من ما يوجب الاطمئنان بصدق إحدى النسخ. لكن لا بملاك الترجيح بين الحجتين ، بل لأن الاطمئنان بصدق إحدى النسخ مستلزم للاطمئنان بكذب غيرها ، الذي يخرج معه الخبر عن الحجية ، بخلاف الاطمئنان بصدور أحد الخبرين ، فإنه لا يستلزم الاطمئنان بعدم صدور الخبر المعارض له ، لإمكان صدورهما معا ، وإرادة خلاف الظاهر من أحدهما ، أو صدوره بداعي بيان غير الواقع من تقية أو نحوها.