في حياة المفتي ، دون من تجدد تكليفه منهم ، أو اتصل بهم بعد موته ، بل يرجع هؤلاء إلى مفت آخر حي ، لئلا يكون عملهم بفتوى الأول تقليدا ابتدائيا منهم للميت ، بحيث يعمل أهل البيت الواحد على وجهين ، بعضهم على رأي الميت ، وبعضهم على رأي الحي. لما في ذلك من الكلفة الظاهرة ، والخروج عن الوضع المتعارف بالنحو الذي لو كان لظهر وبان.
بل يبعد جدا تحقق ذلك منهم من دون ورود أدلة تعبدية نقلية خاصة صالحة عندهم للردع عن مقتضى السيرة. ولو ورد شيء منها لم يخف عادة ، لتوفر الدواعي لنقله وحفظه عن الضياع.
نعم لا ريب في عدم شيوع الرجوع للميت ، لغلبة عدم الاطلاع على فتاواه ، لعدم تعارف تحرير الفتاوى وضبطها ، بل تصدر الفتاوى مشافهة ، فلا يتيسر الاطلاع عليها بعد موت المفتي لغير من شافهه بها ، ومن حدث بها عنه ، لو لم تضع عليهم بنسيان أو غيره.
ولا سيما مع تيسر الرجوع للأحياء ، والاستغناء بهم عن الأموات ، والغفلة عن الاختلاف الملزم بالنظر في الترجيح ، حيث يستلزم ذلك إهمال رأي الميت طبعا.
ومن ثم لا ينهض ذلك بتأييد دعوى الإجماع ، أو بالظن باستناد الدعوى المذكورة للتسالم ، بسبب سيرة المتشرعة على عدم تقليد الميت ، خصوصا بعد ما سبق من قرب قيام السيرة في الجملة على تقليده.
ولا سيما مع ظهور بعض كلماتهم في وجود الخلاف في المسألة ، أو عدم القطع بانعقاد الإجماع فيها. فعن الشهيد في الذكرى نسبة الخلاف للبعض.
وحمله على العامة ـ كما عن الشهيد الثاني ـ بعيد جدا ، خصوصا مع كونه المعروف بينهم.
وأظهر من ذلك قول المحقق الثاني في الجعفرية بعد بيان وجوب