لوضوح أن أصالة الظهور ، وعدم التخصيص ، والنسخ ، من الأصول العقلائية ، فإنكار العمل بالكتاب من دون معرفة تامة به ، ولا معرفة بالناسخ والخاص ، ظاهر في لزوم استفراغ الوسع في مقام الاستنباط ، وعدم الاكتفاء بالدليل الواصل.
نعم هذه النصوص مختصة بالكتاب ، فاستفادة حكم غيره مبني على إلغاء خصوصية موردها ، أو أنها تكون مؤيدة للعموم المدعى.
الثانية : ما تضمن الأمر بطلب العلم من أجل التعليم والعمل ، كآيتي النفر (١) ، وسؤال أهل الذكر (٢) ، والنصوص الكثيرة الواردة في تفسير الآيتين ، وغيرها مما تضمن الأمر بطلب العلم ، والحث على السؤال ، والذم على تركه ، والأمر بمذاكرة الروايات على اختلاف ألسنتها (٣).
ومثل صحيح مسعدة بن زياد : «سمعت جعفر بن محمد عليهالسلام وقد سئل عن قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) فقال : إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى للعبد : أكنت عالما؟ فإن قال : نعم قال له : أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال : كنت جاهلا قال له : أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصمه. فتلك الحجة البالغة لله عزوجل على خلقه» (٤).
وصحيحه الآخر عنه عليهالسلام في من أطال الجلوس في الخلاء لاستماع الغناء مستحلا له ، لأنه لم يأته ، وإنما سمعه ، حيث أنكر عليهالسلام محتجا بقوله
__________________
(١) سورة التوبة الآية : ١٢٢.
(٢) سورة الأنبياء الآية : ٧.
(٣) راجع الوسائل ج : ١٨ باب : ٤ ، ٧ ، ٨ ، ١١ من أبواب صفات القاضي. وأصول الكافي ج : ١ باب : ١ من كتاب فضل العلم. والبحار ج : ١ باب : ١ من كتاب العلم.
(٤) أمالي المفيد ، المجلس الخامس والثلاثون حديث : ١. ورواه عنه في البحار ج : ٢ ص : ٢٩ باب : ٩ من أبواب كتاب العلم حديث : ١٠.