ومرجع الوجوب الطريقي المذكور إلى أن الواقع مورد للمسئولية ، ولا يكون الجهل به عذرا إذا استند للتقصير في الفحص. ولازم ذلك قصور إطلاقات أدلة الحجج والأصول عن صورة عدم الفحص ، كما سبق في توجيه المدعى.
ودعوى : امتناع حمل الأدلة المتقدمة على الوجوب الطريقي ، الراجع إلى عدم معذرية الجهل. لشمولها لما إذا وقع العمل غفلة عن احتمال الحرمة ، بل قد يكون هو المتيقن من مواردها ، فتنافي حكم العقل بقبح عقاب الغافل. كما أنها تشمل التكاليف الموقتة التي لا تكون فعلية قبل الوقت ، ليجب تعلمها طريقيا ، ولا يجب تعلمها بعد الوقت ، لضيقه عنه.
فلا بد من حملها على الوجوب النفسي المطلق غير الموقت ، فيكون العقاب على ترك التعلم بنفسه ، لفعلية التكليف به ، والقدرة عليه قبل الوقت ، كما حكي عن الأردبيلي ، وصاحب المدارك. وحينئذ لا ينافي معذرية الجهل من التكاليف الواقعية. ولا تنهض أدلة وجوب التعلم بتقييد أدلة الطرق والأصول.
مدفوعة بالمنع من حكم العقل بقبح العقاب مع الغفلة إذا كانت مستندة لاختيار المكلف ، وتقصيره. وكذا مع تعذر التعلم تقصيرا ، لعدم حفظه القدرة عليه قبل دخول الوقت ، نظير ما يذكر في موارد المقدمات المفوتة. وإلا فأدلة وجوب التعلم المتقدمة كما تشمل وقوع العمل غفلة عن احتمال التكليف ، تشمل وقوعه مع الغفلة عن وجوب التعلم.
على أن حمل الأدلة المتقدمة على وجوب التعلم نفسيا ـ مع إباء سياقها عنه ، بل صراحة بعضها في خلافه ـ مستلزم لحملها إما على الاكتفاء بمسمى التعلم ، ولو لحكم واحد ، وهو خلاف المقطوع منها. أو على تعلم جميع