إلى العرض على السنة المفسرة للكتاب والترجيح بها ، لا العرض على الكتاب بنفسه والترجيح به ، الذي هو كالصريح من نصوص الطائفتين المذكورتين.
وأشكل منه ما ذكره في نصوص العرض على الكتاب من أن العمل حينئذ بالكتاب والسنة ، لا بالكتاب وحده (١). إذ فيه : أن مفاد النصوص المدعى دلالتها على المنع من العمل بظواهر الكتاب ليس هو المنع من ذلك تعبدا ، بل لتعذر الاطلاع على معناه إلا بأخذه منهم عليهمالسلام. وحينئذ كيف يكون مرجعا في تصحيح الأخبار وتوهينها ، وكيف يكون التابع لشيء متبوعا له والمحكوم بشيء حاكما عليه؟!
ومثل الأخبار المذكورة ما تضمن لزوم الرجوع للكتاب الشريف والعترة الطاهرة الظاهرة في استقلال كل منهما في المرجعية كحديث الثقلين ونحوه. بل حمل جميع النصوص المتضمنة لوجوب الرجوع للقرآن والعمل به على خصوص ما إذا ورد تفسيره منهم عليهمالسلام صعب جدا. وكذا النصوص الكثيرة الواردة في الموارد المتفرقة التي يظهر منها المفروغية عن جواز الرجوع للقرآن والاحتجاج بظاهره التي لا يسع المقام استقصاءها ، وقد تعرض لبعضها شيخنا الأعظم قدسسره.
وعلى هذا جرت سيرة الأصحاب قديما وحديثا ، فقد عرفوا بالرجوع للكتاب الشريف والاستدلال به ، متسالمين على حجيته وحجية ظواهره ، حتى اشتهر بينهم عدّه أول الأدلة ، وتقديمه على سائر الأدلة الظنية ، حتى اختلفوا في تخصيص خبر الواحد له ، وادعي إجماعهم على عدم نسخه له ، مع أن النصوص المتقدمة حجة للأخباريين نصب أعينهم قد حفظوها ووعوها فلم
__________________
(١) يراجع في جميع ما نقلناه عنه تعقيبه لحديث : ٣٧ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي ، ولحديث : ٨١ باب : ١٣ من أبواب صفات القاضي.