قسم كلامه ثلاثة أقسام ، فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسه وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعلمه إلا الله وملائكته والراسخون في العلم ...» (١). كيف ولا إشكال ـ ولو بضميمة بعض الروايات ـ في أن بعض ظواهره مرادة ، وهي مما تصل إليه العقول.
وبالجملة : التأمل في الروايات المذكورة المتقدمة وغيرها ـ على كثرتها ـ شاهد بورودها للردع عن الاستغناء بالقرآن عن الأئمة عليهمالسلام ، أو النهي عن تأويل مجملاته وصرف ظواهره بالاجتهاد والاستحسانات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، أو عن الأخذ بمشابهاته من دون تأمل في القرائن الأخر ، أو نحو ذلك مما هو أجنبي عن محل الكلام.
ولو فرض عدم ظهور النصوص المذكورة في ذلك بنفسها فلا أقل من لزوم حملها عليه أو على نحوه مما لا ينافي حجية ظاهر الكتاب جمعا مع النصوص الكثيرة الظاهرة في حجية ظاهر الكتاب والعمل بها ، كأحاديث عرض الأخبار على الكتاب ، وأحاديث الترجيح بينها بموافقته (٢).
وأما ما في الوسائل من حملها على ما كان من القرآن واضح الدلالة ، فإن أراد به خصوص النص القطعي المراد فهو لا يناسب فرض اختلاف الأخبار الظاهر في احتمال كونه منشأ للتحير واحتمال صدق كل منها. وإن أراد منه ما كان ظاهر الدلالة وإن احتمل التأويل فهو لا يناسب ما ادعاه من عدم حجية ظواهر الكتاب.
ومثله ما ذكره من حملهما على ما ورد تفسيره منهم عليهمالسلام. إذ هو راجع
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٣ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٤.
(٢) راجع الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي.