العلم في غالب الأحكام الشرعية ، وهو لا يلزم في المقام ، لقلة الأحكام المتعلقة بالمفاهيم المجملة التي لا يتسنى للفقيه تشخيص ظهور الأدلة المتعرضة لها بنفسه ولو بمعونة الرجوع لهم وملاحظة القرائن المتعلقة بالمقام ، ولا محذور مع ذلك من الرجوع فيها للأدلة الأخر والأصول الجارية في المسألة ، مع أن من جملة مقدمات الانسداد الملزمة بالتنزل للظن هو تعذر الرجوع إليها ، على ما يتضح في محله في آخر مباحث الحجج إن شاء الله تعالى.
تنبيهان
الأول : ذكر بعض الأعاظم قدسسره أنه بعد الفراغ عن عدم حجية قول اللغويين فلو حصل الوثوق بالمعنى من قولهم أوجب ظهور اللفظ فيه ، ومعه لا يكون الوثوق بالمراد مستندا لأمر خارجي غير معتبر ، بل يدخل المورد في كبرى حجية الظهور بالخصوص ، لأن الوثوق بالمعنى لو حصل قبل إلقاء الكلام لأوجب ظهور اللفظ فيه قطعا ، فكذا بعده ، لعدم معقولية الفرق.
وفيه : أن الوثوق بالمعنى ـ سواء حصل من قول اللغويين أم من غيره ـ لا يوجب العلم بالظهور ، بل الوثوق به ، سواء حصل قبل إلقاء الكلام أم بعده وحينئذ فحيث كان موضوع الحجية هو الظهور الواقعي ، فلا بد من إحرازه بعلم أو علمي ، ولا يكفي فيه مجرد الوثوق إذا لم يستند إلى حجة ، كما هو المفروض.
الثاني : ما تقدم من حجية قول اللغويين يجري بعضه في قول غيرهم من علماء الأدب ، كالنحويين والصرفيين والبيانيين ونحوهم ، فإن الظاهر عدم حجية قولهم ، إلا إذا أوجب القطع ، لعدم نهوض الإجماع ودليل الانسداد لعين ما تقدم. وأما الرجوع لهم بملاك الرجوع لأهل الخبرة فيجري فيه ما سبق من الوجهين الأخيرين للإشكال في الرجوع للغويين ، كما يظهر بالتأمل.