الوصول شيء ، وحيث كان القطع بنفسه وصولا للواقع تعين متابعته ، لتحقق شرط العمل به. ومن هنا كانت متابعته من لوازم ذاته تكوينا ، ولا تحتاج لجعل من الشارع ، بل يكون الجعل لغوا ، لعدم استناد العمل له ، كما لا تحتاج إلى حكم العقل زائدا على مقتضى الذات ، لأن حكم العقل إنما يتجه مع إمكان التخلف ، لا مع لزومه تكوينا.
وهذا بخلاف غيره من الطرق ، فإنها لما لم تكن بنفسها وصولا للواقع ولا موصلة له ـ لاحتمال الخطأ فيها ـ توقف وجوب متابعتها على أمر خارج عنها من حكم عقلي أو شرعي.
كما لا مجال للردع عن متابعة القطع ، إذ عدم متابعته إن كان لعدم كون الواقع موردا للعمل فهو خارج عن محل الكلام ، لفرض عدم تصرف الشارع في الحكم المعلوم برفعه أو نسخه أو تقييده بحال خاص غير متحقق مع القطع.
وإن كان لعدم كونه وصولا للواقع فهو مخالف لمقتضى ذات القطع ، لأن القطع عين الوصول للواقع ـ ولو بنظر القاطع ـ وبه قوام ذاته. وإن كان لاعتبار أمر آخر في فعلية العمل بالواقع زائدا على وصوله فهو خلاف مقتضى فطرة الإنسان ، بل كل ذي شعور ، حيث لا يحتاج في فعلية العمل بالواقع إلى أكثر من وصوله. ولو فرض منه عدم ترتيب الأثر عليه بوصوله فليس هو لعدم كفاية الوصول بنظره في فعلية العمل ، بل لقصور الواقع الواصل عن مقام العمل ، إما لعدم كونه مقتضيا له بنظره ، أو لكونه مزاحما بما يمنع من تأثيره من شهوة أو غضب أو غيرهما.
ومن ثم تكون المخالفة ارتكازا ـ كالموافقة ـ مع العلم للواقع المعلوم ، لا للعلم بنفسه ، بل لا يلتفت للعلم في مقام الموافقة أو المخالفة ، ويكون مغفولا عنه حينها ، بخلاف غيره من الطرق ، فإنها ملحوظة في مقام الموافقة في طول الواقع ، كما أن المخالفة معها تكون .. تارة : مخالفة للواقع الذي قامت عليه ،