الإمساك (١) المشكوك تحصيلا لليقين بالفراغ بعد العلم بالاشتغال ، والتعبير بالظنّ في كلامه لعلّه مقيّد بالظنّ المعتبر شرعا ، وإلاّ فلا نرى له وجها ، وذلك في الأمر والنهي ظاهر جدا ، بل القول بالاشتغال في المقام في بعض موارده هو الحقّ الذي لا محيص عنه ، بل يمكن دعوى الاتّفاق عليه (٢) ، والمحقّق القمي مع مبالغته في نفي الاشتغال قد أذعن به في المقام ، إلاّ أنّ اتّكال المحقّق المذكور على عدم الخفاء في جريان قاعدة الشغل (٣) في الإباحة ممّا لم نقف له على وجه فيا ليته لم يتّكل عليه ؛ لأنّ الوجه فيه في غاية الخفاء والغموض ، بل ممّا لا وجه له ، وغاية ما يمكن أن يوجّه به هو ما أفاده المحقّق القمي حيث قال : وأمّا في الإباحة وما يستلزمه (٤) من الأحكام الوضعية ، فلأنّ عدم اعتقاد إباحته يوجب عدم امتثال أمر الله تعالى ، فإنّ الاعتقاد بما سنّه (٥) واجب ، واجبا كان أو مباحا أو غيرهما (٦) ، وسقوطه ظاهر ، فإنّ وجوب الاعتقاد على ما سنّه على تقدير تسليمه لا يقضي بالاعتقاد إلى الغاية المعيّنة ؛ لأنّ ذلك واجب مطلقا قبل الغاية وبعد الغاية وعند الغاية من غير فرق في ذلك ، فإنّ الاعتقاد ليس وجوبه مغيّا بالغاية ، والمعتقد لا يؤثّر في الاعتقاد ، فإذا حكم الشارع بإباحة العصير قبل الغليان وشكّ في حصوله في زمان ، يحكم بوجوب اعتقاد الإباحة إلى حصول الغليان ، وذلك لا يوجب الحكم بكون المشكوك فيه ممّا وجب الاعتقاد فيه بالإباحة كما هو المطلوب ، مضافا إلى أنّ غاية الإباحة لا يعقل أن يكون إباحة ، بل لا بدّ أن يكون حكما اقتضائيا ، والمفروض وجوب الاعتقاد به أيضا ، فالحكم بوجوب الاعتقاد بالإباحة قبل الغاية دون ذلك الحكم تحكّم ، على أنّ المفروض أنّ المكلّف شاكّ في
__________________
(١) « ج ، م » : إمساك.
(٢) « ج ، م » : ـ عليه.
(٣) « ج » : العمل؟
(٤) في المصدر : يستلزمها. ومن قوله : « وأمّا في الإباحة » إلى قوله : « الأحكام الوضعية » سقط من المصدر الذي طبع في المجلّدين.
(٥) في المصدر : سنّنه.
(٦) القوانين ٢ : ٦٧ وفي ط : ٢٧٣ ـ ٢٧٤.