الأقربية مخصوصا بالرواية المشتملة على لفظ النقض كما توهّمه جماعة ، بل لفظ الدفع كما في رواية العلوي « أنّ اليقين لا يدفع بالشكّ » (١) أيضا الظاهر منه ما ذكرنا كالرواية المشتملة على قوله : « اليقين لا يدخله الشكّ » فإنّ قوله : « لا يدخله » أيضا مثل قوله : « لا تنقض » ظاهر فيما ذكرنا (٢) بعد امتناع إرادة المعنى الحقيقي منها.
وأمّا الثانية : فقد ظهر ضعفها (٣) في خلال تقريب الأولى فلا حاجة إلى إطالة الكلام في تقريرها ، فإنّ التعارض لا يحصل إلاّ فيما ذكره دون ما ذكره القوم.
فإن قلت : إنّ الأمر في استصحاب القوم أيضا كذلك ؛ إذ ليس الكلام في الأحكام الموقّتة التي تزول بزوالها ، ولا فيما تنعدم بعد وجودها آناً ما ، بل في الأحكام القابلة للبقاء والزوال حين الشكّ ، وحينئذ فلو فرض عدم الشكّ في البقاء لكان اليقين به في محلّه ، فإنّ عروض الشكّ لا يمكن إلاّ فيما احتمل انتفاء جزء من العلّة المقتضية للحكم ، فعند عدم الشكّ فلا بدّ من القطع ببقاء العلّة التامّة ، فتفرّع عليها القطع ببقاء الحكم ، فاليقين حاصل لو لا الشكّ.
قلت : نعم ولكن لا بدّ أن يعلم أنّ مراد المحقّق ـ على ما يظهر في الحاشية التي علّقها على غير المقام على ما حكاه السيّد الشارح في شرح الوافية ـ هو وجود المقتضي للحكم المعمول به عند عدم الشكّ قطعا ، لامجرّد عدم الشكّ فإنّه وإن كان يلازم اليقين لكنّه بواسطة انتفاء الواسطة بين الشكّ واليقين ، فإنّ المراد بالشكّ ما عدا اليقين في المقام وذلك لا ينافي الشكّ في وجود المقتضي أيضا بخلاف ما ذكره فيما فسّر التعارض بأن يكون شيء يوجب اليقين لو لا الشكّ ، فالمفروض عنده وجود خطاب يقضي بالحكم لو لا معارضة الشكّ ، ولا ريب في أنّه إذا فرض ارتفاع المعارض بانتفاء احتمال المانع وجب الأخذ بالمقتضي فإنّه يؤثّر (٤) أثره على تقدير عدم المانع.
__________________
(١) تقدّم في ص ١٠٣.
(٢) « ز ، ك » : ذكر.
(٣) « ج ، م » : صدقها.
(٤) « ز ، ك » : لا يؤثّر.