البراءة بين (١) كون الواجب تخييريا أو تعيينيا ، ولا سيّما في الشبهة الموضوعية ، لكن ذلك بالنسبة إلى لزوم الفعل في الآن المشكوك فيه ، وأمّا بالنسبة إلى إتيان نفس الفعل فقضيّة القاعدة المذكورة هو وجوب إتيانه (٢) قبل مجيء الوقت المشكوك تحصيلا للفراغ اليقيني بعد العلم بالاشتغال. نعم يتمّ ذلك على تقدير استصحاب نفس الوقت نظرا إلى أصالة عدم دخول الغاية ، وهو هدم لما أسّس ؛ لرجوعه إلى استصحاب القوم.
وتارة أخرى : يقع على وجه لا يرجع إلى واجبات عينية تخييرية ، فيكون الفعل في تمام الوقت واجبا عينيا مستقلاّ ، والوجوب في أجزاء الوقت راجع (٣) إلى الوجوب الغيري كما لو قال : صم إلى الليل ، على أن يكون الإمساك في تمام النهار واجبا مستقلاّ لا واجبات متعدّدة. ففي زمان يشكّ (٤) فيه في انقضاء المدّة ودخول الغاية هل يحكم بوجوب الإمساك عملا بالاشتغال أو يؤخذ بالبراءة؟ فيه تفصيل ، فإنّ ما بعد الغاية قد يكون الإمساك فيه محرّما أو موجبا (٥) لفساد العمل فيما قبل الغاية ، وقد لا يكون حراما ولا موجبا لفساد العمل على وجه (٦) ، فعلى الأوّل ففي زمان الشكّ يدور الأمر (٧) بين المحذورين : فإمّا يؤخذ بجانب الحرمة لكونها دفعا (٨) ، دون الوجوب لكونه جلبا (٩) ، أو يقال بالتخيير ، وعلى التقديرين لا مجال للاحتياط فيه. وعلى الثاني فهو مورد الاحتياط عند التحقيق وإن احتمل بعضهم البراءة ؛ لكون الشبهة مصداقية مع دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، فيصحّ ما أفاده في هذه الصورة خاصّة على التحقيق.
وأمّا على الاحتمال الآخر فلا وقع لكلامه أصلا إلاّ على تقدير استصحاب الوقت وقد عرفت أنّه لا يتمّ إلاّ على مذاق القوم ، مضافا إلى أنّ هذه الصورة خارجة عن
__________________
(١) « ج » : في.
(٢) « م » : إثباته.
(٣) « ز » : الراجع ، وسقطت من نسخة « ك ».
(٤) « ج » : الشكّ.
(٥) « ج » : محرّمة أو موجبة.
(٦) « ج ، م » : ـ على وجه.
(٧) « ج ، م » : فالأمر دائر.
(٨) « ج ، م » : دفع.
(٩) « ج ، م » : جلب.