الاشتغال ، وثانيهما : أخبار الاستصحاب.
ويرد على الوجه الأوّل وجوه من الإيراد : الأوّل : أنّه غير مطابق لما أخذه في عنوان مطلبه ، وتحقيق ذلك أنّ العبارة المنقولة منه ـ وهو قوله بعد نفيه لاستصحاب القوم واستظهاره حجّية الاستصحاب بمعنى آخر وهو أن يكون دليل شرعي على أنّ الحكم الفلاني بعد تحقّقه ثابت إلى حدوث حالة كذا ـ شاملة لصور عديدة لا مسرح لقاعدة الاشتغال فيها بوجه ، وتوضيحه أنّ الأحكام على ما ذكره على (١) ثلاثة أقسام : إمّا وضعية أو اقتضائية أو تخييرية ، ولمّا كان مرجع الأولى إلى أحد الأخيرين فينحصر فيهما ، وقد عرفت ما ذكرنا في توجيه التخييرية فلا نطيل (٢) بإعادته.
وأمّا الاقتضائية : فإمّا أمر أو نهي ، فالأمر الوارد في الشريعة يحتمل وجوها : فتارة : يكون رجوعه إلى واجبات عينية متعدّدة على حسب تعدّد الأزمنة التي يمكن وقوع المأمور به فيها على وجه لا يناط الوجوب في زمان به في زمان آخر ، كما لو قيل : اجلس في المسجد ـ مثلا ـ إلى زمان كذا ، فيما لو كان الجلوس في كلّ آن واجبا مستقلاّ ، ولا ريب في أنّ الوقت الذي يشكّ فيه أنّه مما أمر بالجلوس فيه أو لا الاشتباه فيه ليس بواسطة الاشتباه في الحكم الشرعي ، بل الشبهة موضوعية وجوبية صرفة ولا يكاد يعقل جريان الاشتغال في الموضوع المشتبه كما حقّقنا ذلك في محلّه بما لا مزيد عليه حتى أنّ الأخباري أيضا لم يحم حول الاحتياط في المقام ، ولا أظنّ أنّه يرضى بذلك أيضا.
وتارة أخرى : يقع على وجه يكون مرجعه إلى الواجبات التخييرية كما في الواجبات الموسّعة كما في قوله : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ )(٣) فلو شكّ في زمان في حصول الغاية فالحكم كما ذكرنا (٤) البراءة أيضا ؛ إذ لا فرق في جريان
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ على.
(٢) « ج ، م » : يسهب.
(٣) الإسراء : ٧٨.
(٤) « ز ، ك » : فالحكم على ما ذكرنا.