المعنى أصلا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ مورد الرواية من استصحاب القوم ، فإنّ قول الإمام : « إذا لم يدر في ثلاث هو أو أربع وقد أحرز الثلاث ، قام وأضاف إليها أخرى ولا شيء عليه » (١) تمسّك منه بأصالة عدم وقوع الركعة المشكوكة واستصحاب لعدمها ، وليس من استصحاب المحقّق كما هو ظاهر ؛ لانتفاء التعارض على ما زعمه.
وأمّا ثالثا : فلأنّ قوله عليهالسلام في الرواية بعد قوله : « ولكن ينقض الشكّ باليقين ويبنى عليه » من أوضح القرائن على أنّ المراد بالنقض هو عدم ترتيب الآثار المترتّبة على المتيقّن ؛ لأنّ الظاهر وروده مفسّرا لسابقه كقوله : « ولا يعتدّ بالشكّ » وقوله : « ولا يختلط أحدهما بالآخر » والكلّ ظاهر في ترتيب مطلق الآثار ، ولا يتصوّر فيها القول بأنّ المراد عدم النقض فيما إذا كان شيء يوجب اليقين لو لا الشكّ ، ففيما إذا شكّ في الخيار أو الشفعة فلو لم يؤخذ باليقين لصدق أنّه ما بنى على اليقين وأنّه نقض يقينه بالشكّ وبنى على شكّه. وبما (٢) ذكرنا من ورود بعض هذه الفقرات مفسّرا للآخر ينقطع ما عسى أن يتوهّم : أنّ جعل النقض قرينة لهذه الفقرات بصرفها (٣) عن ظاهرها (٤) إلى ما هو المراد منه أيضا محتمل ، فلا وجه للعكس كما هو مبنى الإيراد ، مضافا إلى بعده في نفسه كما ذكرنا ، ويتّضح ما ذكرنا في الغاية بعد ملاحظة قوله عليهالسلام في رواية الخصال : « فليمض على يقينه ، فإنّ اليقين لا يدفع بالشكّ » (٥) فإنّ الظاهر من الإمضاء البناء (٦) على شيء والعمل عليه ، فيصير قرينة على أنّ المراد بالدفع أو النقض الواردين في العلّة هو ما يساوي الإمضاء ، والقول بأنّ عموم الإمضاء يدفع باختصاص العلّة ـ كما هو ديدنهم في الأخذ بعموم العلّة وخصوصها في نظائر المقام ـ ممّا لا يصغى إليه بعد
__________________
(١) تقدّم في ص ٩٨ وكذا الفقرات الآتية جزء منها.
(٢) « ز » : مما ، وسقطت من « ك ».
(٣) « ز ، ك » : تصرّفها ، و « م » : لصرفها ( ظ ).
(٤) « ج ، م » : ـ ها.
(٥) تقدّم في ص ١٠٣.
(٦) في النسخ : على البناء.