الذي يوافقه قواعد العدلية من تبعية الأحكام للصفات. وقد يظهر من الشهيد في القواعد (١) : أنّ النجاسة صفة انتزاعية من الأمر بوجوب الاجتناب عن العين التي ننتزع (٢) منه تلك الصفة بعد الأمر ، فجعلها عبارة عن (٣) إيجاب الشارع الاجتناب عن الشيء للاستقذار أو الاستنفار. ولعلّ مراده من الأوّل هو القذارة في البول ، ومن الثاني هو النفرة في الكفّار مثلا.
وبالجملة : فعلى هذا فالأمر أظهر ، ولك أن تقول بجريان هذا الكلام في مثل الملكية والزوجية ؛ لرجوع الأوّل إلى إباحة التصرّف في الأموال ، والثاني في الفروج ، فكون الشيء بحيث يجوز فيه التصرّف المالي عبارة عن الملكية ، وعلى هذا القياس يقال في غيرها.
فإن قلت : إنّ جعل الطلب وإنشاءه على وجه التعليق بوقت أو التقييد بوجود شيء أو عدمه جعل للسببية أو الشرطية أو المانعية ، وكذا جعل المطلوب مركّبا جعل للجزئية ، فلا وجه لإنكار جعل هذه الأمور.
قلت : أمّا تعليق الطلب فليس إلاّ إنشاء للطلب المعلّق لا إنشاء للسببية كما هو ظاهر ، وإنّما يصحّ بعد ذلك انتزاع السببية لإيراث الطلب الكذائي استعدادا للمحلّ. وأمّا تقييده بأمر وجودي أو عدمي فليس تعلّق الطلب بالشيء مع تصوّره ببعض أوصافه وأحواله ، وليس يلزم من التصوّر المذكور جعل ولا إنشاء ، بل إذا لحق المتصوّر المذكور طلب وحكم من الأحكام التكليفة يستأهل لأن ينتزع منه الأمور المذكورة ، ومن هنا تعرف ضعف المقالة المتداولة بينهم من أنّ الصلاة من المخترعات الشرعية ؛ إذ لا اختراع هنالك (٤) ولا إبداع إلاّ لمجرّد الطلب المتعلّق بعدّة أمور متناسبة في الواقع لا نعلمها.
__________________
(١) القواعد والفوائد ٢ : ٨٥.
(٢) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : ينتزع.
(٣) « ز ، ك » : من.
(٤) « ك » : هناك.