الفوائد الطوسية ، قال (١) ـ بعد قول المصنّف (٢) : « ولا تنقض اليقين بالشكّ » ـ : أقول : هذا إنّما يدلّ على حجّية الأصل بمعنى الاستصحاب لا بمعنى أصالة (٣) الإباحة ، ولا دلالة له على الاستصحاب في الحكم الشرعي ، بل هو مخصوص باستصحاب الحالة السابقة التي ليست من نفس الأحكام الشرعية ، سواء كانت مخالفة للأصل أم موافقة له (٤) ، مثلا إذا تيقّن الإنسان أنّه توضّأ ثمّ شكّ في أنّه أحدث وبالعكس ، أو تيقّن دخول الليل ثمّ شكّ في طلوع الصبح (٥) وبالعكس ، أو تيقّن وقوع العقد ثمّ شكّ في التلفّظ بالطلاق ، أو تيقّن في وقوع الطلاق ثمّ شكّ في الرجعة أو في تجديد العقد ، أو تيقّن طهارة ثوبه ثمّ شكّ في ملاقاة البول له ، أو نحو ذلك ممّا ليس من نفس الأحكام الشرعية وإن ترتّب عليه بعضها ، فإنّ هذه الأشياء لا تحتاج (٦) إلى نصّ ، وإلاّ لزم التكليف بما لا يطاق (٧) ؛ لأنّ المكلّف لا يمكنه الرجوع في هذه الأشياء إلى المعصوم ، وإذا رجع إليه فإنّه لا يعلم الغيب كلّه ، وهل يتصوّر عاقل أن يقول للنبيّ صلىاللهعليهوآله : أخبرني لما أحدثت بعد وضوئي ، وهل خرج منّي منيّ (٨) بعد الغسل؟ وهل طلّقت زوجتي أم لا؟ ولمّا اقتضت الحكمة لرفع (٩) الحرج والمشقّة أن ينصّ الشارع على العمل في هذه الأشياء التي ليست من الأحكام الشرعية بقواعد كلّية من أصل واستصحاب ونحوهما على تفصيل يستفاد من النصّ المذكور في محلّه ، حكم العامّة بمساواة الأحكام الشرعية الإلهية لتلك الأمور الدنيّة (١٠) الدنيوية ، بناء على أصلهم من حجّية القياس.
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ قال.
(٢) كذا في النسخ ، والصواب « المعاصر » لأنّه كان في مقام ردّ قول بعض معاصريه. كما سيأتي التصريح به في أواخر كلامه.
(٣) في المصدر : الأصالة.
(٤) « ز ، ك » : أم لا.
(٥) « ك » : الفجر.
(٦) « ج ، م » : المصدر : لا يحتاج.
(٧) في المصدر : تكليف ما لا يطاق.
(٨) المثبت من « ج ، ز » وهو موافق للمصدر ، وفي « ك ، م » : شيء.
(٩) « ج » : برفع.
(١٠) « ج ، م » : الدينية.