قال : فإن قيل : الإجماع يخرم الخلاف فكيف يرتفع بالخلاف (١)؟ أجاب بأنّ هذا الخلاف غير مخرم بالإجماع وإن لم تكن المخالفة خارقة للإجماع ؛ لأنّ الإجماع إنّما انعقد على حالة العدم لا على حالة الوجود ، فمن ألحق الوجود بالعدم فعليه الدليل. لا يقال : دليل صحّة الشروع دالّ على الدوام إلى أن يقوم دليل على الانقطاع ، لأنّا نقول : ليس ذلك الدليل الإجماع ؛ لأنّه مشروط بالعدم فلا يكون دليلا عند العدم فإن كان نصّا فيه (٢) لننظر هل يتناول حال الوجود أم لا؟ لا يقال : لم تنكرون (٣) على من يقول : الأصل أنّ ما ثبت دام إلى وجود قاطع فلا يحتاج الدوام إلى دليل في نفسه ، بل الثبوت هو المحتاج ـ كما إذا ثبت موت (٤) زيد أو بناء دار كان دوامه بنفسه لا بسبب (٥)؟ لأنّا نقول : هذا وهم باطل ، فإنّ كلّ ما ثبت جاز دوامه وعدمه ، فلا بدّ لدوامه من سبب ودليل سوى دليل الثبوت ، ولو لا دليل العادة على أنّ الميّت لا يحيى والدار لا تنهدم بعد البناء إلاّ بهادم أو بطول زمان ، لما عرفنا دوامه بمجرّد موته ، كما لو أخبر عن قعود الأمير وأكله ودخوله الدار ولم تدلّ العادة على دوام هذه الأمور ، فإنّا لا نقضي بدوامها ، فكذا خبر الشارع عن دوام الصلاة مع عدم الماء ليس خبرا عن دوامها مع وجوده ، فيفتقر دوامها إلى دليل آخر (٦) ، انتهت (٧) عبارته المحكيّة في شرح الوافية.
ومن المعلوم الظاهر عدم دلالتها على التفصيل المذكور ، بل المستفاد منها نفي الاستصحاب رأسا ، كما يستفاد من قوله ـ في الجواب عن الاعتراض في آخر كلامه ـ : هذا وهم باطل ، ومنشأ الاشتباه هو وقوع كلامه في ردّ القائل بالاستصحاب فيمن وجد الماء في الأثناء ، وظنّي أنّه لم يكن ملتفتا إلى الاستصحاب بالمعنى المصطلح
__________________
(١) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : الخلاف.
(٢) « ج » : فبيّنة ، وفي شرح الوافية : فبيّنه ( ظ ).
(٣) « ج ، م » : لم ينكرون وفي المصدر : لم ينكروا.
(٤) « ج » : ثبوت.
(٥) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : لسبب.
(٦) شرح الوافية ( مخطوط ) ١٣٤ / أ ـ ١٣٥ / أ ؛ المستصفى ١ : ٢٢٤ ـ ٢٢٦ مع تصرّف وتلخيص.
(٧) « ز ، ك » : انتهى.