أصلا ، كما يظهر من حمل كلام المستصحب تارة : على ما هو المعروف من عدم حاجة النافي إلى الدليل ، وأخرى : على دعوى الدوام ، نعم قد (١) استشعر بذلك أخيرا فأورده بقوله : لم ينكرون على من يقول؟ والعجب منهم أنّهم كيف استنبطوا من هذه العبارة هذا التفصيل.
وأمّا الدقيقة التي تخيّلها دقيقة فمن المعلوم عدم مدخليتها في ذلك ، نعم هو تفصيل في الدليل بمعنى أنّ الأدلّة حالها مختلف (٢) في إمكان البقاء ، فالإجماع على معتقدهم ينافي الخلاف فلا يمكن بقاؤه في حال الخلاف ، وذلك بخلاف العموم أو دليل العقل ؛ إذ ذلك لا ينافي الخلاف فيتحقّق في مورد الخلاف أيضا. وقد يتوهّم أنّه مفصّل مثل ما فصّل المحقّق نظرا إلى كلامه أوّلا ، وليس على ما ينبغي ؛ لمنافاة سابقه ولاحقه له. وقد يتوهّم أنّه يفصّل بين الإجماع وغيره من الأدلّة في استصحاب حال الدليل وعدّه من المفصّلين من حيث كون استصحاب الدليل من أقسام الاستصحاب ، وليس في محلّه أيضا ؛ لردّ استصحاب حال (٣) الدليل بأنّه (٤) إنّما يتصوّر في العامّ أو في المطلق دون سائر الألفاظ المجملة أو الساكتة (٥) أو المردّدة أو العقل ، وصريح كلامه في بيان الدقيقة هو الفرق بين الألفاظ والعقل وبين الإجماع ولا مدخل له في الاستصحاب أصلا ، على أنّ استصحاب حال الدليل ليس من الاستصحاب حقيقة إلاّ بواسطة الاستصحاب في عدم التخصيص والتقييد كما مرّ فيما تقدّم ، فكيف (٦) كان فجريان الاستصحاب في موارده موقوف على احتمال بقاء المستصحب في محلّ الشكّ وإمكانه من غير مدخلية للدليل فيه ، ولا فرق في ذلك (٧) بين كون الدليل لفظا أو غيره.
__________________
(١) « ز » : ـ قد.
(٢) « ز ، ك » : مختلفة.
(٣) « ج » : ـ حال.
(٤) « ج ، ك ، م » : ـ بأنّه.
(٥) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : الشاكّة.
(٦) « ج ، م » : وكيف.
(٧) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : ـ في ذلك.