من باب التعبّد. أمّا الثاني فكما عرفت واعترفت (١) ، وأمّا الأوّل فلأنّ مناط الظنّ لو كان هي الحالة السابقة فهي (٢) موجودة في المقامين ، وإن كان هي الغلبة فالنوعية منها غير مفيدة ، والصنفية غير موجودة ، وإن كان لتوهّم أنّ مجرّد الاستعداد يكفي في حصول الظنّ ، ففيه : أنّ الظنّ بوجود المعلول لا يحصل إلاّ بعد حصول الظنّ بوجود أجزاء (٣) علّته التامّة ، فإذا كان المانع مشكوكا لا بدّ من تحصيل الظنّ بعدمه حتّى يصير المعلول مظنونا ، وإذا كان المقتضي واستعداد المعلول مشكوكا فلا بدّ من تبديل الشكّ ظنّا ، وإلاّ فلا يمكن أن يكون المعلول مظنونا ، ففيما لو قلنا بالاستصحاب من جهة الظنّ أيضا لا يتفاوت الحال فيما ذكر ، ولهذا ترى أنّ القائل به لم يفصّل بين الشكّ في المقتضي والمانع ، فإنّ معيار الظنّ هو الظنّ ببقاء العلّة في الزمن الثاني ، نعم على القول بالظنّ يجب إحراز هذه الجهة أيضا كما لا يخفى ، على أنّ التمسّك بالاستصحاب لا ينحصر في إفادته الظنّ في المقام ؛ لإمكان الاستصحاب بناء على التعبّد العقلائي كما مرّ (٤) الإشارة إليه فيما تقدّم (٥).
وأمّا الثاني فلأنّ انقسام النبوّة إلى الأقسام الثلاثة المذكورة إن كان بالنظر إلى المعنى ونفس الأمر مع قطع النظر عن اللفظ وما يعبّر به عن المقصود من العبارات وغيرها ، فممّا لا محصّل له عند التحقيق ؛ إذ الإطلاق ليس وسطا واقعيا ، فالموجود في نفس الأمر القائم بذات الجاعل هو أحد القسمين ؛ لامتناع الجهل بالمراد والمجعول من الجاعل في مقام الجعل كما هو ظاهر ، وإن كان بالنسبة إلى اللفظ والتعبير فمع الإطلاق لا يجري (٦) الاستصحاب.
وتوضيح المقام هو أن يقال : إنّ للماهيّة عند العقل وجوها ومراتب : فتارة : يلاحظ
__________________
(١) « ز ، ك » : أو اعترفت.
(٢) « م » : فهو.
(٣) « ز ، ك » : إحراز.
(٤) مرّ في ص ٥٦.
(٥) « ز ، ك » : ـ فيما تقدّم.
(٦) « ز ، ك » : لا يحرز.