الموضوعات الصرفة فظاهر ، وأمّا الأحكام الجزئية فلعدم كون الشارع مبيّنا لتلك الأحكام ، فإنّ وظيفته بيان الأحكام الكلّية ، وأمّا المعيار المختصّ بتميّز الفقه عن الأصول ، فيجري فيه أيضا (١) ؛ إذ لا حاجة إلى الرجوع إلى المجتهد بعد العلم باعتباره في تشخيص مجاريه ومحالّه ، بل المجتهد والمقلّد فيه سيّان كما في صورة العلم بها ، فلا يحتاج إلى بحث ولا فحص كما في سائر الأصول العملية كالبراءة والاشتغال والتخيير ، نعم ينبغي الاستثناء عن ذلك (٢) الاستصحاب في الموضوعات الرجالية لأوله إلى الاستصحاب في الأحكام الكلّية الفرعية التي ليس للمقلّد فيها حظّ ، ولذلك قد اختصّت من (٣) بينها باعتبار الظنّ فيها دون غيرها كما مرّ.
وأمّا بالنسبة إلى الأحكام الكلّية فلا ريب في كونه من المسائل الأصولية إن أخذناه من باب الظنّ وجعلناه دليلا عقليا كأضرابه من الوجوه الظنّية العقلية ، سواء كان المستصحب حكما أصليا ، أو فرعيا ؛ لرجوع البحث عنه إلى البحث عن أحوال الموضوع ، سواء جعلنا الموضوع ذات الدليل كما في الكتاب والسنّة ، فلا ينافي البحث عن حجّيته ، أو هي متّصفة بالوصف ، لرجوع البحث عن سائر الوجوه المبحوثة عنه من بيان تعارضه وتقديم مزيله والانقسامات (٤) الحاصلة له إلى غير ذلك بحثا عن حال الموضوع ، ولصدق الحدّ عليه ؛ لكونه من القواعد الممهّدة للاستنباط ، ولا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون الحكم الراجع إليه إثباتا كالحجّية ، أو نفيا كعدمها ؛ لأنّ مسائل العلوم المدوّنة هي المحمولات المرتبطة إلى الموضوعات ربطا إيجابيا كما في الموجبات ، أو سلبيا كما في السوالب ، وإلاّ لخرج (٥) كثير من المسائل من كثير من العلوم.
وإن جعلناه من باب الأخبار الواردة عن السادة الأطهار فلا ريب في كونه من
__________________
(١) « ج ، م ، ل » : ـ أيضا.
(٢) « ج » : ينبغي أن يستثنى من ذلك.
(٣) « م ، ج » : ـ من.
(٤) « ز ، ك ، ل » : الانقلابات.
(٥) في النسخ : لخرجت.