أنّ الغلبة في أمثال الموارد ممّا لا فائدة فيها ؛ لأنّ الفرد المشكوك لا يصير مظنونا بملاحظة الغلبة ؛ إذ الجهة المشكوكة تخالف الجهة التي هي مورد الغلبة.
وتوضيحه : أنّ المستصحب للنبوّة وهو اليهودي مقصوده إثبات الدوام على ما فرضه المحقّق المذكور ، فادّعى غلبة الاستمرار في الاعتراض ، فيلحق (١) نبوّة موسى بغيرها ، فيجري فيها الاستصحاب كما في الأحكام الشرعية ، فأجابه (٢) المحقّق بأنّ الغلبة في النبوّات على التحديد عكس الأحكام ، فنبوّة موسى ملحقة بها ، فليس مجرى الاستصحاب.
ونحن نقول : إنّ غلبة التحديد لا تثمر في إلحاق المشكوك وهي نبوّة موسى ؛ إذ المعلوم والمسلّم عند المحقّق المذكور هو وجود فرد مستمرّ خاتم للنبوّات ، واليهود (٣) إنّما يدّعي بأنّ النبوّة المستمرّة إنّما هي قائمة بموسى عليهالسلام ، فإنّه الخاتم ، فالشكّ إنّما هو في أنّ موسى هل هو آخر الأنبياء وخاتمهم ، أو هو ما قبل الآخر؟ وهذه الجهة ليست (٤) موردا للغلبة حتّى يقال بالإلحاق ، وذلك نظير ما لو علمنا بوجود رومي في أشخاص زنجية وفرضنا خروجهم من الدار ـ مثلا ـ بعد العلم بأنّ الرومي هو آخرهم ، فلو شككنا في فرد أنّه هل هو الآخر حتّى يكون هو الرومي ، أو هو ما قبل الآخر حتّى يكون هو الزنجي؟ فلا وجه في تشخيص (٥) الخارج بالغلبة كما لا يخفى ؛ إذ لا غلبة في هذه الجهة.
ثمّ إنّه اعترض على نفسه أيضا بما ملخّصه : أنّ الأحكام الواردة في شريعة موسى قد تكون (٦) مطلقات (٧) مثل الأحكام الواردة في شريعتنا ، فيمكن استصحابها.
__________________
(١) « م » : فلحق.
(٢) « ز ، ك » : وأجابه.
(٣) « ك » : اليهودي.
(٤) « م » : ليس.
(٥) « ك » : لتشخيص.
(٦) في النسخ : يكون.
(٧) « ز ، ك » : مطلقا.