الاستصحاب بتصحيح مبانيه وتوضيح الوجوه الناهضة عليه بدفع الشبه (١) وقطع المعارضات ، فليس من شأن المكلّف المقلّد العمل به ، إذ غاية ما صنعه المجتهد في المقام تحصيل كبرى لقياس يطلب فيه الحكم الاستصحابي ، ومن المعلوم أنّ المقدّمة الواحدة ليست منتجة ، بل لا بدّ من انضمام صغرى إليها (٢) في الاستنتاج ، والعلم بتلك الصغرى في الأحكام الكلّية الفرعية غير ممكن الحصول للمقلّد.
وتوضيحه : أنّ استنباط حكم الماء القليل الملاقي للنجاسة موقوف على مقدّمتين : إحداهما : أنّه مما لم يدلّ دليل على نجاسته ، والثانية : أنّ كلّما لم يدلّ دليل على نجاسة شيء مع العلم بالطهارة السابقة ، فلا بدّ من معاملة الطاهر معه ، وبعد ذلك ينتج طهارة الماء ـ مثلا ـ في الظاهر ، والمستنبط للمجتهد هو الكبرى في هذا القياس ، وأمّا الصغرى فلا يمكن استعلام تحقّقها لغير المجتهد ، فإنّها حاكمة بعدم (٣) ورود دليل على نجاسته (٤) ، وربما يكون في المقام ما يشبه أن يكون دليلا فلا بدّ من دفعه ، ولو لا أنّ المذكور كاف (٥) في المقام من إثبات توقّف إعمال الاستصحاب في محالّه على الاستنباط والاجتهاد ، لخرج عن المسائل الأصولية جلّها لو لم نقل كلّها ، كمباحث المقدّمة ، واجتماع الأمر والنهي ، ومباحث الشهرة ، ونحوها ، فإنّ حكم العقل بوجوب المقدّمة بمنزلة الكبرى ولا يكفي (٦) فى الحكم بوجوب الوضوء للصلاة هذا الحكم العقلي ما لم يثبت اندراج موضوع هذه القضيّة في موضوعها ، واستنباط هذا موقوف على النظر والاجتهاد في الأدلّة الشرعية التي تقصر عن الوصول دونه (٧) أيدي المقلّدة ، وكذا تميّز موارد الشهرة كما لا يخفى (٨).
__________________
(١) « ز ، ك » : الشبهة.
(٢) « ج ، م » : إليه.
(٣) « ج ، م » : لعدم.
(٤) « ز ، ك ، ل » : النجاسة.
(٥) « م » : كافيا.
(٦) « ج ، م » : ولا يخفى.
(٧) « ل » : « إليها » بدل : « دونه ».
(٨) « ز ، ك ، ل » : على ما لا يخفى.