حمل اللفظ على المعنى المنقول منه ، وكذا قرينة المجاز ووجود الحذف والنسيان أيضا مانع عن ظهور الدلالة كما لا يخفى مع وجود المقتضي لذلك (١) وهو الوضع ، فمدخلية العدم في تلك الأمور المطلوبة من الأصول العدمية (٢) إنّما يكون من حيث إنّ وجوده مانع عن ترتّبها على مقتضياتها (٣) ، لكونه علّة تامّة لنقيض (٤) الحكم كما عرفت ، ومثله الكلام في أصالة عدم الرافع إلاّ أنّه يعتبر مانعيته بالنسبة إلى البقاء لا الحدوث كما هو كذلك في المانع.
فإن قلت : لا مانع من أن يكون ذلك العدم علّة تامّة لترتّب ذلك الأمر الوجودي ، وحيث إنّها في الأمور الشرعية ليست بعلّة (٥) حقيقة (٦) فإنّها كاشفة عنها واقعا ، فلا مانع من أن يكون العدم مؤثّرا في الوجود ، بل هو واقع ، كما في أصالة عدم التذكية فإنّ النجاسة مترتّبة على نفس العدم ولا ضير فيه.
لا يقال : إنّ خروج الروح وإزهاقه مقتض للنجاسة ، والتذكية مانعة (٧) منها ، فبأصالة (٨) عدم التذكية يحرز المعلول ، فلا مخالفة فيه لما ذكر.
لأنّا نقول : المقتضي لا بدّ وأن يكون متقدّما على غيره ، والمقام مقارن فلا يجوز أن يكون مقتضيا.
قلت : نعم ولكنّ التحقيق أنّ المثال المذكور أيضا من هذا القبيل ، فإنّ الإزهاق يقتضي (٩) النجاسة (١٠) ، والمقتضي مقدّم على عدم المانع طبعا ، فلا غائلة في مقارنته له زمانا.
فتلخّص : أنّ الاستصحابات العدمية التي نتداولها إنّما هي ممّا يكون المقتضي للآثار
__________________
(١) « ز ، ك » : له.
(٢) « ز ، ك » : ـ العدمية.
(٣) « م » : مقتضاياتها.
(٤) المثبت من « م » وفي سائر النسخ : لنقض.
(٥) « ج ، م » : علّة.
(٦) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : حقيقية.
(٧) « ج ، م » : مانع.
(٨) « م » : فأصالة.
(٩) « ج » : تقتضي.
(١٠) « ز ، ك » : فإنّ الإزهاق المقتضي للنجاسة.