لا يقال : قد لا يكون جزم بأحد طرفي الترديد المذكور ، فيجري فيه الاستصحابان.
لأنّا نقول : لا خفاء في فساد هذا التوهّم (١) ؛ إذ لا يجري عنده إلاّ أحد الاستصحابين كما هو ظاهر.
وقد يتخيّل ابتناء (٢) هذا الكلام على ما تخيّله بعض أهل المعقول من كون الوجود أمرا ممتدّا في تشخّصه على وجه لا يناط امتداده بالزمان كنفس الزمان والحركة وسائر المقادير كما لا يخفى.
وهو أيضا ممّا لا يكاد يتمّ ؛ إذ بعد فرض الامتداد في نفس الوجود فعند الشكّ في حصول حدّه لا وجه لاستصحاب العدم ، وعند الشكّ في وجوده بعد الوصول إلى الحدّ لا وجه لاستصحاب الوجود كما هو ظاهر.
فإن قلت : إنّا نختار جريان الاستصحاب الوجودي بجعل الزمان ظرفا ، ومع ذلك فلا يعقل جريان استصحاب الوجود ؛ لأنّ الممكن ليس مستغنيا عن المؤثّر في البقاء أيضا ، فوجوده (٣) في الزمان الثاني لا بدّ له من مرجّح به ينسدّ جميع أنحاء عدمه ويتفاضل إحدى كفّتي ميزان وجوده وعدمه ، والأصل عدم المرجّح ، فيتعارضان ، فلا يحكم بوجود المستصحب في الزمان الثاني كما هو المقصود من الاستصحاب (٤) في الأحكام الوجودية.
قلت أوّلا : لا معنى لمعارضة استصحاب الوجود (٥) لاستصحاب عدم المرجّح ؛ إذ الشكّ في الوجود في الزمان الثاني ناش من الشكّ في وجود مرجّحه فيه ، فعلى فرض جريان الأصل في المرجّح لا يبقى للشكّ في وجود المعلول مجال كما لا يخفى ؛ إذ به
__________________
(١) « ج ، م » : التوهّم هذا.
(٢) « ز ، ك » : استناد.
(٣) « ز » : وجوده « ك » : ووجوده.
(٤) « ز ، ك » : بالاستصحاب.
(٥) « ز ، ك » : ـ الوجود.