طريقه ، فلا مجاز في لفظ اليقين كما قد يتوهّم ، فمعنى الرواية هو النهي عن نقض أحكام المتيقّن نظير ما مرّ (١) في النبويّ الرافع للسهو والنسيان ، ولا ريب أنّ أحد المتقارنين في الوجود من غير أن يكون بينهما علقة وارتباط لا يعدّ في عداد الأحكام المترتّبة عليه والآثار المنتهية إليه ، فعلى هذا فلا مجال للقول بثبوت أحد المتقارنين وجودا وعدما عند استصحاب المقارن ؛ إذ ليس هو من أحكامه ، وأمّا الملازمة الاتّفاقية في القضيّة الشخصية المستندة إلى العلم الإجمالي فلا يجدي في كون أحدهما حكما للآخر ولا يجعله محمولا عليه.
نعم ، عند العلم بوجود أحدهما يلزم العلم بالآخر ، فإنّه من آثار العلم والكلام في الأحكام المتعلّقة بالمعلوم ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون أمرا عاديّا أو شرعيا أو عقليا ؛ إذ بعد فرض عدم الارتباط وعدم محمولية أحدهما على الآخر لا يعقل من ثبوت أحدهما بالاستصحاب ثبوت الآخر وإن كان الآخر حكما شرعيا.
ولو سلّم من ترتّب (٢) أحدهما على الآخر بدعوى كونه من أحكامه فلا يثبت أيضا أحدهما باستصحاب الآخر ؛ إذ ذلك الآخر المقارن إمّا أن يكون الحالة السابقة فيه موافقة (٣) للاستصحاب في المستصحب ، فلا حاجة إلى استصحابه (٤) في إثباته لإمكان استصحابه أيضا ، كما إذا فرضنا ثبوت الواسطة بين العادل والفاسق وعلمنا إجمالا إمّا بعدالة زيد أو بفسقه فاستصحاب عدالة زيد لا يجدي في ترتّب فسقه ؛ لأنّه أيضا مستصحب في عرض هذا المستصحب إلاّ في أحكام قليلة الجدوى كما لا يخفى.
وإمّا أن يكون الحالة السابقة مخالفة للحالة المفروضة في المستصحب ، كما إذا فرضنا حصول العلم الإجمالي على الانفصال الحقيقي بين وجود زيد وبين وجود عمرو ، فإن كان وجود زيد وعمرو كلاهما معلومين (٥) سابقا فاستصحاب وجود زيد لا يمكن به (٦)
__________________
(١) مرّ في ج ٣ ، ص ٣٥٦.
(٢) « ج ، م » : ترتيب.
(٣) « ج ، م » : موافقا.
(٤) « ج » : استصحاب.
(٥) « ج » : معلومان.
(٦) « ج ، م » : ـ به.