ففي الأوّليين : قد حكم باستقلال المتقدّم في الإسلام ؛ إذ لم يعلم باستحقاق المدّعي لتأخّر الموت ، ولا يكفي فيه القول بأنّ الكفر مانع وبعد وجود المقتضي للتوارث وهو التوالد يحكم بالإرث بينهما ؛ إذ بعد التسليم عن ذلك بالغضّ عن كون الإسلام شرطا لا أنّ الكفر مانع ، نقول : إنّ المانع مستصحب الوجود ؛ لأنّ الكفر كان معلوما ، نعم لو كان المانع غير معلوم كان القول على التقدير (١) المذكور موجّها على بعض الوجوه.
وفي الثانية : حكم بانتصاف المال بينهما نصفين ؛ لأنّ الأصل تأخّر الموت عن إسلامه (٢) ، ومن المعلوم أنّ توارثه وانتصاف المال نصفين إنّما يترتّب على كونه مسلما حال حياته لا على تأخّر موته عن إسلامه ، فهو من أحكام المتقدّم ، واستصحاب تأخّر الموت لا يثمر في إثبات تقدّم الإسلام إلاّ عادة.
وبالجملة : فموارد أصالة التأخّر غالبا من هذا القبيل ، فلا بدّ إمّا من توجيه لكلماتهم في مواردها ، وإمّا من الأخذ بمقتضى الدليل ، ولا ينبغي التوحّش من الانفراد بعد مساعدة الدليل. ومع ذلك فيمكن توجيه بعض موارد النقض في كلماتهم ولو بنوع من العناية كأن يقال في المثال المفروض في الشرائع : إنّ حصول (٣) علقة التوارث إنّما هو (٤) من الآثار الشرعية المترتّبة على نفس الحياة من غير توسّط شيء آخر ، كما أنّ توارثه من قريبه إنّما هو لواحق حياته ، فلو شكّ في ذلك بعد العلم بموت قريبه والشكّ في تأخّر موته عنه ، نحكم (٥) بتوارثه من مال قريبه باستصحاب حياته ؛ لكونه من أحكامه شرعا بلا واسطة ، وبمثله نقول في المثال المذكور فلا حاجة في انتصاف المال بين الأخوين إلى إحراز موته بعد إسلامه على وجه يصدق أن يقال فيه : إنّه مات عن مسلمين ، بل يكفي في ذلك استصحاب حياته مع العلم بإسلامه ، كذا أفاد فتأمّل.
__________________
(١) « ز ، ك » : التقيّد.
(٢) « ز ، ك » : الإسلام.
(٣) « ز ، ك » : ـ حصول.
(٤) « ز ، ك » : هي.
(٥) « ج » : يحكم.