بالصحّة إنّما هو مستند إلى تسليم ذلك عند الآخر.
وإذ قد عرفت هذا فنقول ـ في المثال المذكور في كلام الشرائع (١) ـ : إنّ تأخّر الموت بنفسه مستصحب ولا يتفاوت فيه الحال ؛ لكونه من مجاري الأصل حقيقة ، وأمّا تأخّره عن إسلامه فهو من الأمور المتسالمة بينهما على تقدير استصحاب تأخّر الموت كما في تسالمهم على وقوع العقد (٢) على تقدير الصحّة على ألفي دينار ، ولك أن تقول : إنّ مجرّد مطابقة القول للأصل لا يجدي في إثبات المقصود إلاّ بعد اليمين وهي كالبيّنة من الطرق الواقعية ، وقد عرفت أنّ الطرق الواقعية ممّا يوجد بجميع لوازمها الواقعية.
وتحقيق المقام وتوضيحه : أنّ الموارد التي يتمسّك فيها بتلك الأصول في الغالب هو مواضع التداعي كما في استصحاب تأخّر الموت ، ولا شكّ في اعتبار هذا الاستصحاب بالنسبة إلى الأحكام التي تترتّب (٣) على نفس التأخّر. وأمّا الآثار اللاحقة لكون الموت متأخّرا عن الإسلام فلا عبرة بهذا الاستصحاب فيها ، فالأخذ بتلك الآثار لأحد أمرين : إمّا من جهة تسالمهما على أنّ الوراثة بعد إثبات التأخّر الذي هو مجرى الأصل ومفاده ممّا لا كلام فيه ، فكأنّ المدّعي لمقارنة الموت للإسلام أو تقدّمه عليه مقرّ بكونه وارثا بمجرّد ثبوت تأخّر الموت وإن لم يفد إثبات تأخّره عنه ، فالاستناد إلى الأصل إنّما هو لإثبات هذا الجزء ولا غبار عليه من هذه الجهة ؛ لعدم كونه مثبتا له بل هو عين مفاده ، كما في أصالة الصحّة فيما إذا اختلف المتعاقدان في وقوع العقد على ثمن غير مملوك شرعا كالخمر والخنزير أو على عوض آخر ، فإنّ قضيّة الصحّة لا تزيد على مجرّد الصحّة ولا يثبت بها خصوصية الثمن الآخر كما هو المدّعى به في كلام الآخر ، ومع ذلك فالحكم باشتغال ذمّة المشتري بخصوصية العوض مستند إلى تسالم المتبايعين في أنّه (٤) بعد إحراز الصحّة فالعوض هو هذا الشيء الخاصّ كما لا يخفى ، وأمّا
__________________
(١) تقدّم نصّ عبارته في ص ٢٦٩.
(٢) « ز ، ك » : الصيغة.
(٣) « ج ، م » : يترتّب.
(٤) « ج ، م » : أنّ.