ثمّ إنّ ما ذكرنا إنّما يتمّ فيما لو كان وجود ذلك الحادث مستمرّا حتّى في زمان اليقين بالوجود أيضا ، وأمّا إذا كان الحادث المفروض أمرا غير قابل للوجود المستمرّ كأمثال (١) الأفعال التوليدية التدريجية كالحركة والتكلّم ونحوهما ممّا ينقضي شيئا فشيئا وممّا لا يتّصف بالوجود إلاّ في آن من الزمان ، فلا يمكن إثبات الأحكام المترتّبة على وجوده (٢) في زمان اليقين ، كما إذا فرضنا حدوث التكلّم أو الولادة التي هي الخروج من الرحم إمّا في يوم الجمعة وإمّا في يوم السبت ؛ إذ لا يمكن استعلام بدو وجوده لعدمه في السبت أيضا ، لأنّ المفروض أنّه آني الوجود ، فكما أنّه لا يمكن إثباته في الجمعة ؛ لأنّ الأصل عدمه فيها ، فكذا لا يمكن إثباته في السبت أيضا ؛ لأنّ الأصل عدمه أيضا ، فالمقام نظير الشبهة المحصورة ؛ إذ لا فرق بين أن يكون الظرف لوجود شيء مكانا أو زمانا ، إذ نسبتهما إلى الوجود متساوية ، فالعلم الإجمالي حاصل بانتقاض أحد الأصلين ، وذلك لا يضرّ في جريانهما وتعارضهما ، على أنّ استصحاب التأخّر وعدمه في الجمعة لو أريد به إثباته في السبت ممّا لا تعويل عليه ؛ لكونه مثبتا ، وتوضح (٣) التعارض بين الأصلين ملاحظة أن لو كان العلم الإجمالي بين وجوده في الخميس أو السبت مع العلم بعدمه في الجمعة كما لا يخفى ، ولعلّ هذا هو الوجه في حكمهم بقضاء صلوات خمسة فيما إذا قطع المكلّف بحدوث حدث منه عقيب واحد من وضوءاتها وإن كان مقتضى استصحاب عدمه على تقدير الأصول المثبتة هو الحكم بقضاء صلاة العشاء فقط ، فتدبّر.
وأمّا أحكام مطلق وجود ذلك الشيء فمن المعلوم ترتّبه عليه كما هو ظاهر لا سترة عليه.
المقام الثاني
__________________
(١) « ز ، ك » : المستمرّ مثل.
(٢) « ج » : وجودها.
(٣) « ج ، ك » : توضيح.