والتحقيق : عدم الاعتداد بالقاعدة المزبورة فيهما أيضا ، أمّا الأوّل فلعين ما ذكر في المقام الأوّل من عدم الحاجة ؛ لكفاية الشكّ عن الاستصحاب بانسحاب المستصحب ، فلا بدّ من الإتيان بالمطلق كعتق الكافرة عند تعذّر المقيّد ؛ لبقاء العلّة التامّة للامتثال وهو دفع احتمال الضرر الموجود عند الشكّ في الفراغ.
فإن قلت : إنّ مقتضى الاشتغال هو كون المقيّد مأمورا به ، وبعد تعذّره فلا أمر به ؛ لسقوطه بسقوط المأمور به.
قلنا : لا إشكال في وجوب الامتثال بالمطلق على تقدير القول بالبراءة عند دوران الأمر بين المطلق والمقيّد كما هو التحقيق ؛ لوجود الأمر والتمكّن من المأمور به ، وأمّا على القول بالاشتغال فلا شكّ في (١) أنّ الالتزام بالمقيّد إنّما هو بواسطة دفع الضرر المحتمل في جانب المقيّد ، وذلك لا يقضي (٢) بأنّ المأمور به هو خصوص المقيّد واقعا على وجه لو تعذّر كان الأمر ساقطا بواسطة سقوطه ، بل هو أخذ بالاحتياط ؛ لكونه جمعا بين الحقّين ، وبعد التعذّر لا بدّ من الإتيان بالمطلق دفعا للخوف ، ولا ينافي ذلك تعذّر أحد أطراف العلم الإجمالي ؛ إذ لو كان العلم حاصلا قبل التعذّر لا يتفاوت الحال بين التعذّر وعدمه ، فإنّه بمنزلة الامتثال به.
نعم ، لو كان العلم الإجمالي حاصلا بعد التعذّر لم يتّجه القول بالإتيان ؛ لأوله (٣) على الشكوك البدوية كما نبّهنا عليه في الشبهة المحصورة (٤) ، وبعد التسليم نقول : لا جدوى في الاستصحاب ؛ لكونه من الأصول المثبتة ، اللهمّ إلاّ أن يدفع بأحد الوجهين على ما سبق ذكرهما (٥) ، ومنه (٦) يظهر الكلام في الثاني أيضا ؛ لكون الأصل على تقدير الأخذ (٧) مثبتا كما في استصحاب البراءة ولقد نبّهنا على ذلك في أصالة البراءة أيضا ، فتدبّر (٨).
__________________
(١) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : إلى.
(٢) « ج » : لا يقتضي.
(٣) « ك » : لا دلالة ، وفي « ز » : لإدلاله ( ظ ).
(٤) نبّه عليه في ج ٣ ، ص ٤٧٤.
(٥) سبق في ص ٣٠٢.
(٦) « ز ، ك » : من هنا.
(٧) « ز ، ك » : الحاجة.
(٨) « ز ، ك » : ـ فتدبّر.