الثاني : ما يظهر من الشيخ الجليل أيضا في بعض فروع الكشف (١) من أنّ أفعال المسلم محمولة على الصحّة ، وقضيّة ذلك عامّة بالنسبة إلى أفعال الجوارح والأعمال القلبية وما يطرأ للإنسان من الحالات والملكات ، ففيما لو شكّ في صحّة الاعتقاد فالأصل يقضي (٢) بصحّته ومطابقته للواقع كصحّة قوله : وبعد ما حمل اعتقاده على الصحّة وحكم حكما شرعيا بواقعية ما اعتقده فلا يفرق في ذلك الأعمال السابقة والأفعال اللاحقة.
وشيء (٣) من الوجهين لا يكاد يتمّ : أمّا الأوّل : فلأنّ الصحّة المستفادة من الأخبار لا تزيد على الصحّة في الأعمال السابقة التي قد انقضى محلّها ، وأمّا الأعمال الآتية فمحلّها باق ولا يزيد مفادها على عدم المؤاخذة بالأفعال الماضية ، وأمّا ثبوت الواقع بواسطة الحمل فممّا لا دليل عليه ، فعلى هذا فلا بدّ في الأعمال اللاحقة من العمل على ما يقتضيه القواعد فيما لو فرضنا انتفاء ذلك الاعتقاد وإن قدّر بناء العمل على الآثار الماضية أيضا (٤).
وأمّا الثاني : فلأنّ صحّة الاعتقاد كصحّة القول والاجتهاد لها وجهان : أحدهما : عدم تقصير المعتقد كالقائل والمجتهد في تحصيل اعتقاده وقوله واجتهاده ، فالفاسد منها (٥) ما لم يتفحّص المعتقد في تحصيله ، وعمد القائل بالكذب ، وقصّر المجتهد في الاجتهاد ، وثانيهما : مطابقة قوله واعتقاده واجتهاده للواقع ، فالفاسد منها ما يخالف الواقع.
فإن أراد المستدلّ من قاعدة الصحّة في الاعتقاد ما يعمّ الثاني أيضا فهو وإن كان يجدي فيما رامه إلاّ أنّه ممّا لا دليل عليه ؛ لعدم إفادة الأدلّة فيما عدا الصحّة
__________________
(١) كشف الغطاء ١ : ٢٠١ ـ ٢٠٢ ، وفي ط الحجري ٣٥ ( البحث السادس والثلاثون ).
(٢) « ج ، ك » : يقتضي.
(٣) « ج ، م » : شيئا.
(٤) « ز ، ك » : ـ أيضا.
(٥) « ز ، ك » : ـ منها.