وجه للأخذ بأحكام إحدى الخصوصيتين باستصحاب القدر المشترك.
وذلك كما في استصحاب كلّي الحدث المشترك بين الأصغر والأكبر فإنّه يترتّب عليه أحكام مطلق الحدث من عدم جواز الدخول في المشروط بالطهارة من صلاة أو (١) طواف ونحوهما (٢) ، ولا يحكم بأنّه الجنابة مثلا ، فيجوز له الجواز في أحد المساجد واللبث في غيرها ، وأمّا وجوب الغسل عليه فهو بواسطة وجوب الدخول فيما هو مشروط بالطهارة وتحصيل القطع بالطهارة الواقعية التي (٣) لا تحصل إلاّ بعد الغسل كما لا يخفى. وبالجملة : فكلّ واحد من موجبات الوضوء والغسل أمر حادث والأصل عدمه ، وليس الأخذ به مجديا فيما نحن بصدده إلاّ أنّ أصل (٤) الحدث المشترك أمر معلوم والأصل بقاؤه إلى حدوث رافعه ، ووجوب الغسل عليه قد عرفت الوجه فيه ، نعم لو كان الوضوء محمولا على غير الجنب كما يظهر من قوله : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )(٥) على بعض الوجوه ، كان لإثبات وجوب الوضوء بعد عدم وجوب الغسل بانتفاء موضوعه بالأصل وجه ، ومن هذا القبيل استصحاب بقاء النجاسة المردّدة بين كونها ممّا ترتفع بغسلة واحدة أو بغسلتين. واستصحاب بقاء الاشتغال بالأمر الواقعي الواقع على الظهر أو الجمعة بعد فعل أحدهما.
ومن هنا يظهر جريان الاستصحاب في هذه الصورة بناء على التدقيق أيضا ، وليس هذا من الاستصحاب العرضي في شيء ؛ لأنّ الحكم في الجهة المعلومة قد ارتفع (٦) قطعا والجهة المشكوكة مشكوكة من أوّل الأمر بخلاف مثل استصحاب الاشتغال ، فإنّ المعلوم أوّلا هو القدر المشترك بين الأفراد ، فالخصوصيات خارجة عن المعلوم وانتفاؤها لا يوجب ارتفاع المعلوم ، فيستصحب إلى حصول العلم بالارتفاع.
__________________
(١) « ز ، ك » : و.
(٢) « ج ، م » : نحوها.
(٣) « ج » : « وهي » بدل : « التي ».
(٤) « ز ، ك » : الموصل.
(٥) المائدة : ٦.
(٦) « ز ، ك » : لارتفع.