الزمان (١) الثاني ليس تحكيما للعموم نظرا إلى أصالة العموم وعدم ورود المخصّص في أفراد الزمان ؛ لأنّ المفروض عدم العموم من حيث اللفظ وعدم ما يفيده من الخارج ، وأمّا أدلّة الاشتراك فلا يفيد عموما في الدليل كما لا يخفى ؛ إذ قضيّة الاشتراك لا يزيد على مجرّد الاشتراك كما أنّه ليس بواسطة أدلّة الاشتراك ، لأنّ المقصود جريان استصحاب عدم النسخ مع قطع النظر عن أدلّة الاشتراك ، بل إثبات الحكم المذكور في زمان الشكّ إنّما هو بالاستصحاب ، فموارد الأدلّة الدالّة على ثبوت الأحكام مع قطع النظر عن أدلّة الاشتراك على قسمين : فمنها : ما هي مشتملة على العموم الأزماني ولو بمعونة القرائن الخارجية ، فعند الشكّ في ثبوت تلك الأحكام المدلول عليها بهذه الأدلّة لا بدّ من الأخذ بأصالة عدم التخصيص كما هو المراد من استصحاب عدم النسخ بحسب ما اصطلحوا عليه ، ومنها : ما لا يشتمل (٢) عليه بنفسه ولا يستفاد من الخارج ، فمع قطع النظر عن أدلّة الاشتراك لا بدّ من الأخذ باستصحاب ذلك الحكم والقول بعدم نسخه باختلاف الأزمان.
فإن قلت : إنّ استصحاب عدم النسخ لا يجدي في هذه الأزمنة وبعد انقطاع الوحي؟ لعدم النسخ قطعا فكيف يعقل القول به في هذه الأزمنة؟
قلت : نعم ، ولكنّ المراد عدم نسخة في زمن حياة النبيّ كأصالة عدم القرينة وإن سرى الحكم إلينا بالاستصحاب بعد عدم كون الحكم منسوخا في زمن النبيّ كما هو قضيّة الاستصحاب.
فإن قلت : إنّ عدم ثبوت النسخ في زمن النبيّ لا يجدي في إثبات الحكم في حقّنا ؛ لاختلاف الموضوع في الاستصحاب ، لانعدام المكلّفين الموجودين وانوجاد غيرهم مع عدم العلم بثبوت الحكم في حقّهم ، فلا يجري الاستصحاب.
__________________
(١) « م » : الزمن.
(٢) « ج » : لا يشمل.