سائر الشرائع أو لم تكن (١) فأصالة عدم المنسوخية في الأحكام التي ليست من موارد الشكّ ممّا لا يجدي ؛ لكونها في غير محلّ الابتلاء من المكلّف ، لكونه معلوما بالتفصيل من جهة أخرى وقد عرفت (٢) فيما تقدّم عدم وجوب الاجتناب عن تمام أطراف الشبهة فيما إذا لم يكن بعضها بمحلّ الابتلاء من المكلّف ؛ لعدم تنجّز الخطاب عليه على ما عرفت تفصيل الكلام فيه ، فيجري في الطرف الأصل فيعمل به ويعتمد عليه من غير معارضة ولا غائلة ؛ لكونه من الأدلّة الشرعية ، والعلم الإجمالي ممّا لا أثر له بعد معلومية أحد أطرافه بدليل معتبر شرعا كالاستصحاب والبيّنة ونحوها من الطرق الواقعية أو الأصول العملية من غير فرق بينهما من هذه الجهة وإن كان الفرق بينهما من جهة أخرى واضحا كما هو ظاهر.
وتوضيح المطلب : أنّ مجرّد العلم الإجمالي بوجود شيء بين أشياء متعدّدة لا يقضي (٣) بوجوب إحراز (٤) المعلوم الإجمالي وعدم جريان الأصل الموضوعي في الأطراف ، فإنّه على ما عرفت إنّما هو بواسطة لزوم المخالفة القطعية فيما لو أخذ بالأصل في الكلّ والترجيح بلا مرجّح فيما لو خصّصنا الأخذ بالبعض دون آخر كما عرفت مفصّلا في محلّه ، وليس في المقام كذلك ، فإنّا لو فرضنا الوقائع ألفا ـ مثلا ـ فنعلم بأنّ تسعمائة منه منسوخة قطعا وعندنا في هذه الشريعة المقدّسة يكون على هذا المقدار أحكام معلومة ـ مثلا ـ فنعلم بواسطة معلومية هذه الأحكام وجوب الأخذ بها ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون هذه هي الأحكام المنسوخة من سائر الشرائع وبين أن لا تكون (٥) تلك الأحكام فنعلم بوجوب العمل بهذه الأحكام تفصيلا ، والعلم الإجمالي
__________________
(١) في النسخ : لم يكن.
(٢) عرفت في ج ٣ ، ص ٤٧٠.
(٣) « ج » : لا يقتضي.
(٤) « ز ، ج » : الإحراز.
(٥) في النسخ : لا يكون.