فيما إذا ثبت الحكم لعنوان (١) المكلّف على وجه لا يحتمل فيه الاختصاص ، وإلاّ فكيف يمكن تسرية حكم جماعة لجماعة غيرهم بالاستصحاب؟ وظاهر قوله : ( وَما أُمِرُوا ) اختصاص الحكم بهم فلا يكون الموضوع محرزا ، ولا أقلّ من الشكّ.
وثانيا : أنّ المستفاد من الآية ليس عدم حصول الامتثال بالنسبة إليهم إلاّ بعد الإتيان بالفعل على وجه القربة أيضا ؛ لأنّ استفادة هذا المعنى موقوف على كون « اللام » الداخلة على الفعل للغاية وليس بصحيح ؛ إذ قضيّة ذلك على ما قرّرناه أن يكون المأمور به (٢) محذوفا في الكلام وتكون (٣) العبادة على الوجه المخصوص غاية في تلك الأوامر ، فيكون المعنى : وما أمروا بشيء إلاّ لأجل العبادة على وجه الإخلاص ، وحينئذ لا يصحّ عطف قوله : ( وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ) على قوله : ( لِيَعْبُدُوا اللهَ ) لأنّهما من الأفعال المأمور بها (٤) ، فلا يصحّ أن يكون غاية لها على ما هو قضيّة العطف.
اللهمّ إلاّ أن يقال بأنّ كلمة « اللام » في المعطوف عليه للغاية وفي المعطوف لمعنى آخر كأن يكون للتقوية مثلا ، إلاّ أنّه كما ترى يوجب استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد وهو كما عليه المحقّقون باطل ، فالّذي يساعده صحيح الاعتبار بل ويعاضده بعض الآثار كما نقلها بعض أهل التفسير أنّ مفاد الآية لا يزيد على نفي الشرك ، كما في قوله : ( وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً )(٥) فاللام في قوله : ( لِيَعْبُدُوا اللهَ ) لام الإرادة والتقوية ممّا تدخل على نفس المأمور به والمراد ، كما في قوله تعالى : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ )(٦) وقوله : ( وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ )(٧) وقوله (٨) : « وأمرنا لنعبد
__________________
(١) « ز ، ك » : بعنوان.
(٢) « ز ، ك » : المأمور بها.
(٣) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : يكون.
(٤) « م » : بهما.
(٥) النساء : ٣٦.
(٦) الأحزاب : ٣٣.
(٧) الشورى : ١٥.
(٨) « م » : ـ قوله.