طهارته بالاستحالة وأسند الخلاف إلى أبي حنيفة معرضا عنه محتجّا على ما (١) صار إليه بأنّ النجاسة قائمة بالأعيان ولا تزول بتغيّر (٢) الأوصاف والأحوال وقد يتردّد (٣) في نجاسة الخشب المتنجّس إذا استحال رمادا أو دخانا. وكذا العلاّمة في القواعد (٤) إنّما (٥) اقتفى أثر المحقّق في الإسناد المذكور والاحتجاج أيضا ، إلاّ أنّه أسند القول بعدم الطهارة إلى أكثر أهل العلم ، وصريح كلام غيرهما أنّ الاستحالة من المطهّرات.
وبالجملة : فاضطراب كلماتهم (٦) على ما يظهر من مطاويها ممّا لا ينكر ، فلعلّه يجمعها ما قلنا من اختلاف الأمور العرفية في الأغلب ولا كلام فيه ، وإنّما المهمّ إثبات الكبرى من وجوب الأخذ بهذا المعيار ، فإنّ الصغرى ظاهرة لا تخفى (٧) على أحد ، وما يشعر بذلك قولهم بأنّ الاستحالة من المطهّرات ، فإنّ معنى كون الشيء مطهّر الشيء هو بقاء ذلك الشيء وإزالة نجاسته بذلك المطهّر كما يظهر من كون الماء مطهّرا ، وتوضحه ملاحظة ما احتجّ به العلاّمة في النهاية (٨) من أولوية الحكم بالطهارة بعد الاستحالة في المتنجّس ، وتبعه في ذلك صاحب المعالم (٩) فحكم بأنّ الخشب المتنجّس إذا طهّر بالماء فبالإحراق أولى ، ويزيد توضيحا أنّهم ممّن عدا كاشف اللثام (١٠) وجماعة ممّن حذوا حذوه (١١) لم يفرّقوا بين النجس والمتنجّس في الحكم بالطهارة في الاستحالة ، ولو لا
__________________
(١) « ز ، ك » : لما.
(٢) « ج ، م » : بتغيير.
(٣) تردّد في الشرائع ٤ : ٧٥٤ ط الشيرازي.
(٤) قواعد الأحكام ١ : ١٩٥ ، وليس فيه إسناد القول بعدم الطهارة إلى أكثر أهل العلم ، بل قاله في المنتهى ٣ : ٢٨٧ وفي ط الحجرية ١ : ١٧٩.
(٥) « ز ، ك » : ـ إنّما.
(٦) « ك » : كلامهم.
(٧) في النسخ : لا يخفى.
(٨) نهاية الإحكام ١ : ٢٩١ ، في المطلب الرابع في أنواع المطهّرات.
(٩) معالم الدين ( قسم الفقه ) ٢ : ٧٧٦ في مسألة مطهرية النار لما يستحيل بها رمادا.
(١٠) كشف اللثام ١ : ٤٦٢ وفي ط الحجرية ١ : ٥٧.
(١١) « ز ، ك » : حذى حذوه ، « ج » : حذوه أحذوه.