بالتنزيل كما في غيره من التنزيلات الشرعية ، مثلا فيما لو لم يكن هذا الاحتمال منزّلا منزلة العدم كان له أحكام منها الأخذ بالبراءة فيما لو كان الشكّ في نفس التكليف ، والأخذ بالاحتياط فيما لو كان الشكّ في المكلّف به بعد العلم بثبوت التكليف ، والأخذ بالاستصحاب فيما لو (١) كان للمشكوك حالة سابقة مثلا ، والأخذ بالتخيير في موارد الحيرة ، كما عرفت تفصيل الكلام فيها بما لا مزيد عليه وكان ثبوت هذه الأحكام للشكّ أمرا قطعيا على وجه كان الحكم بعدم حجّية أمارة مشكوكة مستندة إلى لزوم طرح هذه الأحكام من غير دليل شرعي كما عرفت مرارا ، فإذا حكم الشارع بتنزيل هذا الاحتمال منزلة العدم وجعل ذلك الشيء كما إذا كان معلوما ، كان معناه أنّه يجوز (٢) طرح الأحكام الثابتة لهذا (٣) الاحتمال شرعا وترتيب آثار الشيء إذا لم يتطرّق إليه احتمال ، ففي مورد البراءة لا يجوز الأخذ بالبراءة ، وفي مورد الاحتياط لا يجب الأخذ بالاحتياط ، وفي مورد الاستصحاب لا مناص من الأخذ بما يدلّ على ارتفاع الحالة السابقة والأخذ بأحكام الواقع ، وكذا الكلام في التخيير لأوله حقيقة إلى البراءة.
نعم ، لمّا كانت واقعية تلك الأمارة وطريقيتها (٤) بواسطة حكم الشارع وتنزيله لها منزلة الواقع لا جرم كانت الأحكام المترتّبة على الواقع هي الأحكام التي تكون بجعل الشارع دون الأحكام العقلية التي لا دخل للشارع في مقام التكليف والشارعية فيها وإن لم تكن (٥) خارجة عن قدرته في مقام التكوين كما في غيره من التنزيلات الشرعية على ما عرفت وجه الكلام فيها في بعض الهدايات السابقة.
ومن هنا يظهر الوجه في أنّ حسن الاحتياط ليس ممّا يرتفع بعد دلالة دليل اجتهادي ظنّي على ثبوت حكم مخالف للاحتياط ؛ لأنّ ذلك إنّما كان من آثار عدم
__________________
(١) « ج ، ز » : ـ لو.
(٢) « ز » : لم يجوز.
(٣) « ج » : بهذا.
(٤) « ج ، م » : طريقتها.
(٥) المثبت من « م » ، وفي سائر النسخ : لم يكن.