الوضوح ، بخلاف أخبار الاستصحاب فإنّ مفادها هو عدم نقض اليقين السابق والإذعان ببقائه والقول بأنّ احتمال عدمه غير مطابق للواقع ، غاية ما في الباب أنّ واقعية الاحتمال جعلي صرف وتعبّدي محض ، ومن هنا ترى أنّ الاستصحاب لا يفيد شيئا وراء ما يفيده الواقع بمعنى أنّ حكم الشيء المشكوك المسبوق بالحالة السابقة هو حكمه عند العلم به من غير اختلاف بينهما ، ولنعم ما أفاده الأستاد في الكشف عن هذا المعنى من أنّ الاستصحاب على ما يعطيه التدبّر إنّما هو بمنزلة المتمّم لأدلّة الاجتهاد كالإجماع المركّب ، فإنّ الحكم في زمان اليقين مستند إلى الدليل الأوّل وفي زمان الشكّ مستند إلى الاستصحاب ، كما هو في الإجماع المركّب أيضا كذلك.
فعلى ما ذكرنا يظهر الوجه في تقديمه على البراءة فإنّه بمنزلة الأدلّة الاجتهادية بالنسبة إلى حكم الشكّ مع (١) القطع النظر عن البناء على أحد طرفي الاحتمال ، فكما عرفت الوجه في تقديم الأدلّة الاجتهادية على الأصول فكذلك تعرف تقديمه عليها من غير فرق بينهما من هذه الجهة ، وتوضيحه : أنّ دليل البراءة يحكم بعدم الحكم في الواقعة المشكوكة ، ودليل الاستصحاب يقضي بالبناء على الحالة السابقة وأخذها واقعا بجعل احتمال بقائها واقعا ، وحيث إنّه (٢) لا معنى لجعل الاحتمال واقعا إلاّ بالتنزيل من جعل أحكامه (٣) الشرعية في مورد الاحتمال ورفع أحكام الاحتمال في مورد ذلك الاحتمال المنزّل منزلة الواقع ، لا جرم كان مفاد أدلّة الاستصحاب ناظرا إلى أدلّة البراءة ، وهو معنى الحكومة ، فكما قد عرفت حكومة نفس الدليل بالنسبة إلى البراءة لكون دليله بمفاده اللفظي ناظرا إليها ، فكذا فيما (٤) هو بمنزلة متمّماته كالإجماع المركّب ، فقوله : « لا تنقض » يكون بيانا للشكّ في مورد البراءة فإنّ المراد به هو في غير ما له حالة سابقة ثابتة بالدليل ، كما أنّ مفاد الدليل الدالّ على الأوّل هو بيان أنّ المراد
__________________
(١) « ج » : فمع.
(٢) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : أن.
(٣) « ز » : الأحكام.
(٤) « ز » : فكذا ما.