انعقاد الإجماع على التخصيص أيضا ، ومع ذلك فلا يتمّ في التخيير إلاّ بدعوى الإجماع ؛ لما ذكره المتخيّل من انتفاء مقدّماته ، وكيف كان فلا إشكال في خروج الأحكام مع قطع النظر عن هذا الوجه.
وأمّا الموضوعات فالإنصاف أنّ هذا الوجه لا يتمّ فيه أيضا ؛ لأنّ مبنى هذا الوجه على ملاحظة النسبة بين أخبار الأصول وأدلّة القرعة والأخذ بأحكام التعارض من تقديم (١) الخاصّ على العامّ ونحوه ، والذي يقتضيه التدبّر في أخبار القرعة من حيث اشتمال بعضها (٢) على أنّ « من فوّض أمره إلى الله هداه الله إلى ما هو الأصلح بحاله » ونحوه ممّا يقرب مضمونه ؛ لما ذكرنا أنّ القرعة من الطرق الواقعية الموصلة إلى ما هو الثابت في نفس الأمر ، فإنّ من ألطاف الله على عباده إهداءهم إلى مثل هذا الطريق (٣) الذي ينكشف الواقع به من الله ، فيكون مقدّما على الأصلين ـ البراءة والاحتياط ـ قطعا بحسب مفاد الأدلّة الدالّة على اعتبارهما ، فإن كان في المقام إجماع على تقديم الأصول على القرعة فهو ، وإلاّ فالقول بتقديم القرعة على ما وراء الاستصحاب في غاية القوّة نظرا إلى استفادة الطريقية من سياق (٤) الأدلّة الواردة في اعتبارها.
وأمّا الاستصحاب فالأمر فيه في غاية الإشكال مع قطع النظر عن دعوى الإجماع على تقديمه عليها فيما لو حاولنا استفادة ذلك من الأدلّة ، فإنّك على ما عرفت يظهر من دليله طريقته بالنسبة إلى بعض الأصول كالبراءة والاحتياط والتخيير ، فيحتمل أيضا بالنسبة إلى القرعة أن يكون طريقا فيكون مقدّما عليها ، كما يحتمل العكس ، ويحتمل أيضا أن يكون أحدهما في عرض الآخر فلا يتحقّق حكومة بينهما ولا بدّ (٥) من الأخذ
__________________
(١) « ز ، ك » : تقدّم.
(٢) انظر وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٥٧ ، باب ١٣ من أبواب كيفية الحكم ، ح ٤ و ٥ و ١٣.
(٣) « ك » : هذه الطرق ، وفي « ج » : هذا الطرق.
(٤) « ج ، م » : مساق.
(٥) « ز ، ك » : « ولا » بدل « ولا بدّ ».