شيء ، وثانيا : أنّ للإنسان أيضا قوّة تقضي (١) بعدم وقوع الفعل على وجهها خلاف ما يقضي به (٢) الإسلام من قوّتيه الغضبية والشهوية ، وثالثا : أنّ الإسلام غاية ما يقضي به هو عدم صدور الفاسد عنه مع علمه بالحكم ، وأمّا الجهل فلا يقضي (٣) الإسلام بعدمه ، اللهمّ إلاّ على ما يراه ابن الجنيد من أنّ الأصل في المسلم العدالة إلاّ أن يكون معلوم الفسق. فكيف كان فالأصل على الوجه المذكور ممّا لا وجه له.
وقد يستند في إثبات هذه القاعدة إلى الأدلّة الأربعة :
أمّا الكتاب العزيز : فقوله تعالى : ( اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )(٤) وجه الدلالة أنّ النهي عن حصول الظنّ لكونه خارجا عن مقدرة (٥) المكلّف غير معقول ، فلا بدّ من أن يراد به النهي عن ترتيب (٦) أثر الإثم فيما فعله الفاعل ، وقوله تعالى : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً )(٧) فإنّ المستفاد من بعض الروايات (٨) أنّ المراد القول في أفعالهم بحملها على الحسن دون الحمل على القبيح ، وبعد ذلك فدلالته ظاهرة على المطلوب ، بل وهو أوضح من الآية الأولى ؛ لاحتمال أن يقال : إنّ (٩) عدم ترتيب أحكام الإثم والنهي عنه لا يلازم ترتيب آثار الحسن على الفعل كما هو المقصود.
وأمّا السنّة : فكثيرة : منها : قول الأمير عليهالسلام : « ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه ، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت سوء وأنت تجد له في الخير محملا » (١٠) وقول
__________________
(١) « ز ، ك » : يقضي وفي « ج » : تقتضي.
(٢) « ز ، ك » : ـ به.
(٣) « م » : فلا يقتضي.
(٤) الحجرات : ١٢.
(٥) « ك » : قدرة.
(٦) « ز ، ك » : ترتّب.
(٧) البقرة : ٨٣.
(٨) انظر الوسائل ١٦ : ٣٤٠ ـ ٣٤١ ، باب وجوب نصيحة المسلمين وحسن القول فيهم حتّى يتبيّن غيره ، من أبواب فعل المعروف : ح ٢ و ٣ ؛ بحار الأنوار ٧١ : ٣٤٠ ـ ٣٤١ ، باب ٢٠ ، ح ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٩) « ز ، ك » : ـ إنّ.
(١٠) الوسائل ١٢ : ٣٠٢ ، باب ١٦١ من أبواب أحكام العشرة ، ح ٣ ؛ بحار الأنوار ٧٢ : ١٩٦ و ١٩٩ ، ـ باب ٦٢ ، ح ١١ و ٢١. وأورد هذه الروايات سردا النراقي في عوائد الأيّام : ٢٢٢ وما بعدها ، عائدة ٢٣ في بيان قاعدة أفعال المسلمين وأقوالهم على الصحّة.