التذكرة : لو ادّعى المضمون له أنّ الضامن ضمن بعد البلوغ وقال الضامن : بل ضمنت لك قبله ، فإن عيّنا الضمان (١) وقتا وكان البلوغ (٢) غير محتمل فيه قدّم قول الصبيّ ، لحصول العلم بعدم البلوغ ولا يمين على الصبي لأنّها إنّما تثبت في المحتمل ، وإن كان الصغر غير محتمل قدّم قول المضمون له من غير يمين ؛ للعلم بصدقه ، فإن احتمل (٣) الأمران و (٤) لم يعيّنا له وقتا فالقول قول الضامن مع يمينه (٥).
فحكم العلاّمة بتقديم قول الصبيّ في هذه الصورة مع جريان أصالة الصحّة يكشف عن تقديمه أصالة عدم الصبيّ على أصالة الصحّة ، وقوله في القواعد : وليس لمدّعي الصحّة أصل يعوّل عليه ولا ظاهر يستند إليه ، صريح فيما ذكرنا. وصرّح الشهيد رحمهالله (٦) بمعارضة أصالة الصحّة لأصالة عدم الصبيّ وحكم بالرجوع إلى أصالة البراءة ، وقد عرفت أنّ المحقّق الثاني أيضا قد اختار مذهب مصنّفه في شرح العبارة ، ويظهر من الشهيد الثاني (٧) تقديم أصالة الصحّة على الاستصحاب في جملة من الموارد ، ولعلّه هو الأقرب.
وتحقيق المقام يحتاج إلى تمهيد فنقول : لا إشكال في لزوم الأخذ بأصالة الصحّة فيما إذا كان الشكّ في الصحّة وعدمها (٨) مستندا إلى الشكّ في وقوع العقد على أحد الحادثين لتساقط الأصل من الجانبين ، فلا بدّ من الرجوع إلى أصالة الصحّة على تقدير تأخيرها عنه أيضا ، وأمّا إذا كان الشكّ مسبّبا عن الشكّ في وجود أمر غير معلوم كما في الشكّ في الصحة الناشئة عن الشكّ في الرؤية فلا بدّ من ملاحظة أنّ الثابت بأصالة
__________________
(١) في المصدر : للضمان.
(٢) المثبت من المصدر وهامش « ك » ، وفي سائر النسخ : الضمان.
(٣) « ز ، ك » : وإن احتمل.
(٤) في المصدر : أو.
(٥) تذكرة الفقهاء ٢ : ٨٧ ( الطبعة الحجرية ).
(٦) نقله عن حواشيه في جامع المقاصد ٥ : ٣١٥.
(٧) انظر مسالك الأفهام ٣ : ٢٦٨.
(٨) « ز » : قدمها.